‏إظهار الرسائل ذات التسميات commitment flags electronic. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات commitment flags electronic. إظهار كافة الرسائل

السبت، 5 أكتوبر 2019

الالتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الالكتروني

الالتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الالكتروني



بلحاج محجوبة

mahdjo@hotmail.fr

جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان


تاريخ الإرسال: 21/09/2018                       تاريخ القبول:15/12/2018

الملخص:
    تحرص التَّشريعات الحديثة على توفير الحماية للمتعاقد من خلال الإقرار بالعديد من الالتزامات سواء قبل التَّعاقد أو أثناء التَّعاقد أو أثناء تنفيذ العقد خاصةً في العقود التي يكون أحد أطرافها في مركز قوي والطَّرف الآخر في مركز ضعيف ، إذ أن الطَّرف القوي يعدُّ شخص مهني أو محترف عالماً بمحل العقد بكلِّ تفاصيله وجزئياته ، وعلى العكس من ذلك الطَّرف الآخر الذِّي يجهل ما يتعاقد عليه . ونتيجة لذلك أقرَّت التَّشريعات بمبدأ الإلتزام بالإعلام الذِّي يفرض على الطَّرف الأَقوى إِعلام الدَّائن بالبيانات والمعلومات المتعلٍّقة بمحل العقد .
ومن بين العقود التِّي يعدُّ هذا الإلتزام ضرورياً فيها هو العقد المصرفي الإِلكتروني حيث أنَّ التَّعاقد يتم عن بعد عبر شبكة الأَنترنت دون وجود مادِّي لطرفي العقد البنك والعميل ، ومن ثمَّ أصبح هذا الإِلتزام أكثر من ضرورة لحماية العميل من الإقدام على التَّعاقد دون معرفة الخدمات المقدَّمة وخصائصها وكيفية الحصول عليها خاصَّة في ظل تزايد حجم المنافسة والإعلانات التي تقوم بها المصارف على مواقعها الإلكترونية .
الكلمات المفتاحية: عقد مصرفي إلكتروني؛ بنك؛ عميل؛ الإلتزام بالإعلام الإلكتروني؛ المعلومات والبيانات .

(Commitment flags electronic pre - contracting banking electronic)

 


Mahdjoba Behadj

University Of Tlemcen



Abstract :
Modern legislation is keen to provide protection to the contractor through the recognition of many obligations either before contracting or during the contract or during the implementation of the contract, especially in contracts, one of which is in a strong position as a professional person knew the object of the contract in all details and particulars, and the other party in the center of weak ignorant . As a result, legislation has adopted the principle of obligation of information, Which obliges the stronger party to inform the creditor of the data and information relating to the place of the contract.
  Among the contracts in which this commitment is necessary is the electronic banking contract, as the contract is carried out remotely through the Internet without the existence of physical parties to the contract bank and customer, and thus became a commitment more than a need to protect the client from contracting without knowing the services provided and characteristics and how obtained .In light of the increasing volume of competition and announcements by banks on their websites.
Keywords: electronic banking contract, bank, customer, commitment flags electronic, information and data.
المقدمة:
عُرِف الإلتزام بالإعلام في القوانين القديمة مثل القانون الروماني واليوناني إلاَّ أنَّه يرجع فضل إرساء مباديء هذا الإلتزام إلى القضاء ، غير أنَّه تطوَّر في العصر الحديث تبعا للتَّطور التقني والتُّكنلوجي المعاصر[1] . فالتطور العلمي والتُّكنلوجي وظهور شبكة الأنترنت وازدياد إستعمالها في مختلف المجالات التجارية وأيضاً إرتفاع عرض السلع والخدمات بمختلف الألوان والأشكال أدَّى بالمتعاقد إلى           فقدان التَّركيز للتَّعرف على أصلح ما يحتاج إليه من هذا الكم الهائل من السلع والخدمات ، ومما يزيد الأمر صعوبة أن المتعاقد غالبا ما يفقد الخبرة والمعرفة الكافية لتمييز سلعة أو خدمــــة عن أخرى ومعــــرفة مدى جـــــودتها وفائدتها ، فكان لا بدَّ من تزويده بالمعلومات اللاَّزمة والكافية للإختيار بين السلع والخدمات              المعروضة ومن هنا جاءت ضرورة إعلام المتعاقد[2] لكي تأتي المعاملات سليمة وخالية من العيوب والإستغلال .
  إنَّ مبدأ حسن النية يفرض بعض الواجبات بهدف الوصول إلى غايات ، ومن هذه الواجبات الإلتزام بالإعلام ، إذ أنَّه مع التَّزايد المستمر وتعدُّد عقود الإذعان وبقصد تجنُّب ما تتضمنُّه أحياناً من مغالاة في شروط التَّعاقد فرض المشرع الجزائري
الإلتزام بالإعلام والتبصير لصالح الطَّرف الضَّعيف في هذه العقود وغيرها بحيث يتحمَّله الطَّرف القوي [3]، فمن أبرز الضرورات العملية التي أدت الى تقرير الإلتزام بالإعلام قبل التَّعاقد إنعدام التَّكافؤ بين طرفي العقد من حيث العلم والدِّراية بالعناصر الجوهرية المتَّصلة بالعقد ، ولذلك فإن وجود هذا الإلتزام ضرورة عملية لتحقيق التوازن العقدي بين الطرفين [4] .
    وعليه فان هذا الإلتزام يجد المجال خصبًا في التجارة الالكترونية وذلك بالنَّظر إلى تواجد العميل في موقف ضعيف بالمقارنة بالمحترف من حيث المعرفة والدِّراية بطبيعة السلعة أو الخدمة محل التَّعاقد وكيفية التَّعاقد بشأنها والإستفادة منها ، إذ يطلُّ علينا هذا الإلتزام برأسه عند الحديث عن المرحلة السَّابقة للتَّعاقد المصرفي على شبكة الأنترنت ، وهي المرحلة التي يظهر فيها البنك كطرف قوي بإعتباره القائِم على تقديم الخدمة المصرفيَّة والأكثر قدرةً على الإلمام بكافَّة الجوانب الفنية التِّي تحكم تقديمها عبر شبكة الأنترنت ، وأيضاً الأكثر إحاطة بالمخاطر المحيطة بها والقادر على تفادي هذه المخاطر من ناحية ، ومن ناحيةٍ أخرى تفرض طبيعة التَّعاقد عن بعد عبر شبكة بإِحاطة عميله إلكترونية للإتصالات بخصوص خدمة مصرفية مسؤولية كبيرة على عاتق البنك علماً بكافة الجوانب المتعلِّقة بالخدمة المصرفيَّة [5] .
إشكالية البحث : هل التنظيم التشريعي للإعلام الإلكتروني في حال التعاقد المصرفي الإلكتروني يفي بالغرض المنشود منه ، أم شاب أحكامه القصور وعدم الدقة؟ .
ما مدى إلتزام مقدم الخدمة بإعلام الطرف المتعاقد إلكترونياً قبل إجراء التعاقد أو تقديم الخدمة ، وما هو الأثر المترتب على مخالفة ذلك؟ .
   أهمية البحث : إن موضوع البحث يكتسي أهمية علمية بالغة نظرًا للتطور الكبير الذي يشهده مجال المعاملات بصفة عامة والمعاملات المصرفية على وجه الخصوص ، فهو يندرج ضمن المواضيع الحديثة التي أفرزها ظهور تقنية المعلومات وتطور شبكة الاتصالات التي أسهمت بشكل واضح في إضفاء طابع خاص على هذه المعاملات يختلف عما كان معروف من قبل ، وقد خلق تباينًا في الآراء حول إمكانية إعمال النصوص القانونية التقليدية أو ضرورة تحديثها بما يتماشى مع المفاهيم والأوضاع الجديدة وليدة التطورات الحديثة.
أهداف البحث : إننا نسعى في هذا البحث إلى إبراز الجوانب والأحكام القانونية المتعلقة بالإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني ومدى فعالية النصوص القانونية ونجاعتها في تنظيم هذا الإلتزام وبيان مدى إلتزام مقدم الخدمة بهذا الإلتزام إتجاه العملاء .
المنهج العلمي المتبع : وقد إعتمدت على المنهج التحليلي في هذا البحث من خلال إبراز مفهوم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني ومضمونه وشروطه وعناصره والأساس القانوني له .
     سنحاول الإجابة عن إشكالية البحث من خلال الخطة التالية :
  المطلب الأول : مفهوم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإِلكتروني .
الفرع الأول : تعريف العقود المصرفية الإلكترونية
الفرع الثاني: تعريف الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني
الفرع الثالث: النصوص المنظمة لإلتزام البنك بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني
المطلب الثاني: شروط الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإِلكتروني .
الفرع الأول : علم المحترف بالبيانات والمعلومات المتعلقة بمحل العقد المصرفي الإلكتروني
الفرع الثاني : جهل المتعاقد بالبيانات والمعلومات المتعلقة بالعقد جهلا مشروعا
المطلب الثالث : مضمون الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإِلكتروني
الفرع الأول : تحديد شخص مقدم الخدمة المصرفية الإلكترونية
الفرع الثاني : البيانات المتعلقة بالخدمة المصرفية الإلكترونية المقدمة
الفرع الثالث : الإعلام بمخاطر العمليات المصرفية الإلكترونية
المطلب الأول: مفهوم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني
    قبل الخوض في تعريف الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني نتطرق أولاً الى مفهوم العقد المصرفي الإلكتروني ثم نبين أهم خاصيتين تميزه حتى يمكننا توضيح مفهوم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني في مجال التعاقد المصرفي الإلكتروني .
الفرع الأول : تعريف العقود المصرفية الإلكترونية
    لقد ذهب بعض الفقه إلى القول بأنَّ هناك صعوبة في وضع تعريف للعقود المصرفيَّة الإلكترونيَّة نظراً أولاً لإتِّساع وتعدُّد الخدمات المصرفيَّة الإلكترونيَّة بصورة مستمرة ممَّا يصعب معه حصرها في تعريف ، وثانياً لتعدد وتنوُّع الوسائل التِّكنلوجية التِّي تستخدم في تقديم مثل هذه الخدمات .  بينما جانب آخر من الفقه يرى بأنَّه ينبغي وضع تعريف للعقود المصرفيَّة الإلكترونيَّة ، ومن هذه التَّعريفات ما يلي :
التَّعريف الأوَّل: يعرِّفها بأنَّها "عبارة عن اتصال افتراضي بين العميل والبنك من أجل الحصول على خدمات مصرفيَّة أو إدارة الأموال المودعة لدى البنك والتحكم فيها[6]".
     بينما التَّعريف الثاني : يرى بأنَّها " عبارة عن عقد يبرم من خلال إتصال العميل بالكمبيوتر المركزي للبنك عبـر شبكة الأنترنت بغـــرض الحصول على إحدى الخدمات المصرفيَّة من إستلام ودفع الفواتير وغيرها من الخدمات المصرفيَّة ([7] )".
      أما التَّعريف الثالث : يعتبرها بأنَّها " عبارة عن تلاقي الإِيجاب والقبول لكل من البنك والعميل عبر شبكة الأنترنت بهدف إنشاء رابطة عقدية أو تعديلها أو إلغاؤها فيما يتعلق بإجراء إحدى العمليات المصرفية الإلكترونية مثل الإيداع والسَّحب وعمليات الإئتمان وإصدار النُّقود الإلكترونية والتَّحويل المصرفي الإلكتروني وغيرها من العمليات المصرفية الإلكترونية ([8]) " .
    يتبين من التَّعاريف أنَّ العقود المصرفيَّة الإلكترونية لا تعدو أن تكون إحدى صور العقود الإلكترونية التِّي تتم عبر شبكة الأنترنت بالنَّظر إلى وسائل إبرامها وطريقة تنفيذها ولن تخرج عن إطار هذه العقود إلا فيما يتعلق بخصوصيات التعامل المصرفي [9] .
     كما أنَّ التَّعاقد الإلكتروني لا يختلف في ذاته عن التَّعاقد العادي بإستثناء كون التَّعاقــد الإلكتـروني يتم بين غائبين لا يجمعهما مجلس واحــــد وبوسائل              إلكترونية [10] . فخصوصيــــة العقـــد الإلكتروني تكمـــن فــــي الجانـــب الإلكتروني لهــــذا العقد أي تكمن في الوسيلة التِّي ينعقد بها هذا العقد وهي وسيلة الإتصال المرئي المسموع عبر شبكة دولية للإتصال عن بعد [11] .
   إن المشرع الجزائري لم يعرف العقود المصرفية الإلكترونية ولا حتى العقود المصرفية العادية وكذلك العقود الإلكترونية ، وإنما إكتفى بالإعتراف بحجية الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني وقد إعتبر لها نفس القيمة القانونية التي تملكها الكتابة العادية وهذا ما يستخلص من نص المادة 323 من القانون المدني الجزائري ، وهو ما يعني كذلك إعتراف المشرع الجزائري بالتعامل بالوسائل الإلكترونية بصفة عامة وبالمحررات والعقود الإلكترونية خصوصًا والتي لا تختلف عن العقود التقليدية سواءا في الأركان أو الشروط وإنما يختلفان  سوى في وسيلة إبرام العقد وهي وسيلة إلكترونية في العقد الإلكتروني .
    إن أهم خاصية تميز العقود المصرفيَّة سواءاً العادية أو الإلكترونية أنَّها عقود نموذجية أو نمطية ، وهي العقود التِّي تُعَد في صورة نموذج ينفرد أحد أطرافه بإعداد بنوده ولا يقبل فيه تفاوضاً من قبل الطرف الآخر الذي ليس له إلا أن يقبل العقد كما هو أو يرفضه .
    فالبنوك قد درجت على الإعتماد على العقود النموذجية في معاملاتها المصرفيَّة لإعتبارات تتعلَّق بالسُّرعة والسُّهولة التٍّي تقوم عليها المعاملات التجارية بصورة عامة والمصرفيَّة بصورة خاصَّة . ويتم ذلك من خلال قيام البنك بصياغة العقود المصرفيَّة الخاصَّة بكل خدمة مصرفيَّة بحيث تتضمَّن شروط العقد وإلتزامات الطرفين ثم بعد ذلك يجعله متاحًا على موقعه على شبكة الأنترنت وعلى العميل إذا ما أراد الحصول على هذه الخِدمة المصرفيَّة أن يقوم بالإطِّلاع على هذه الشُّروط التِّي أعدَّها البنك سلفًا ، فإذا وافق على الحصول على هذه الخدمة بهذه الشُّروط قام بالضَّغط على الأَيقونة التُّي تفيد موافقته على العقد ، وإذا لم يوافق على شروط العقد ورفضه فإنه لا يتم إبرام العقد [12] وبالتالي لا يتم الضغط على أيقونة الموافقة أو يضغط على زر الرفض إن وجد .
   وعلى الرغم من فوائد التعاقد النموذجي بالنسبة للبنك على شبكة الأنترنت إلا أنَّ إتِّباع البنك لهذا الأسلوب في التعاقد يلقي على عاتقه مسؤولية كبيرة تتمثَّل في أنَّ البنك عند صياغته لشروط العقد يجب ألاَّ يكتفي بمجرد سرد شروط العقد وبنوده وفقط كما هو الحال في العقود المصرفيَّة الإلكترونيَّة بل يجب عليه أن يلحق بكل بند شرحاً توضيحياً وافياً على النحو الذِّي يجعل العميل على بيِّنة ودراية بكل تفاصيل العقــد ، وأن يمنـحه الفرصـة الكافيـة للإطلاع علـى هذه البيانات بطريقة سهلة تمكِّنه من ذلك لأنَّ التعاقد عن بعد يقتضي غياب الفرصة أمام العميل للتَّساؤل والإستيضاح، وهو ما يجب أن يراعيه البنك وذلك في إطار إلتزامه بإعلام العميل[13].
    زيادةً على ما سبق فإن البنك يعبِّر عن رغبته في التَّعاقد عن طريق عرض خدماته على شبكة الأنترنت وهذا الأسلوب الإشهاري الذِّي يستخدمه يغري العملاء للتَّعاقد دون أيِّ تفكير بمخاطر دخولهم إلى شبكة الأنترنت ، ومن جهة أخرى فإن الطُّرق الإعلانية ليست من الدٍّقة والكمال حتَّى تعتبر إيجابية [14] .
     وعليه فإنه بإبراز أهم خاصيتين للعقد المصرفي الإلكتروني تتَّضِح أهمية الإلتزام بالإعلام الإلكتروني في العقد المصرفي الإلكتروني ، إذ أنَّ إستخدام وسائل الإتصال عن بعد يجب ألاَّ يحول دون تزويد الزَّبون بالمعلومات اللاَّزمة لتقرير رضاه [15] لغياب التكافؤ بين طرفي العقد وتجنبا لأي لبس أو جهل قد يطال العميل .
الفرع الثاني: تعريف الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني
     بالرغم من التَّنظيم القانوني للإلتزام بالإعلام بصفة عامة في التَّشريعات المختلفة منها التشريعات العربية كالتشريع التونسي والبناني والمصري أو التشريعات الأجنبية مثل التشريع الفرنسي والتوجيه الأروبي إلاَّ أنَّها جميعها لم تضع تعريفًا له ، ومن ثم قد تعدَّدت المفاهيم والمصطلحـات التـي تعبِّــر عن المدلول عند الفقهاء لكن مضمـــون الإلتــــزام واحـــد نسردهــــا فيما يلي  :
    فالبعض يطلق عليه الإلتزام بالإفصاح ، ويقصد به إعلام أو تحذير أحد المتعاقدين الذٍّي يكون في مركز أقوى من المتعاقد الآخر بإخطار الطَّرف الآخر في العقد بكافة البيانات عند إبرامه للعقد والتِّي تساهم في تكوين الرِّضا الحر المستنير حتى يتمكِّن المتعاقد الضعيف من الإقدام على العقد وإبرامه أو التَّحلل منه إذا شاء ثم إيجاد نوع من التَّعاون بين الطَّرفين لتنفيذ العقد [16] .
     وأمَّا البعض الآخر يُطلق عليه الإلتزام بالشَّفافية ، ومعناه أنَّه يجب أن يُتاح للمستهلك في مجال التجارة الإلكترونية أن يحصل على المعلومات المتعلِّقة بالتَّعاقد بكلِّ سهولة ويسر ، وأن يُتاح له ذلك من خلال الوسائل الإلكترونية طوال مراحل التَّعاقد ، كما تعني الشَّفافية أنَّه يجب أن تتاح للأطراف المتعاقدة كل المعلومات المتعلِّقة بالعقد بما في ذلك الشروط العامَّة قبل إبرام هذا العقد )[17]( .
     بينما آخرون يسمُّونه الإلتزام بالإدلاء بالبيانات المتعلِّقة بالعقد ، وقد عرِّف هذا الإلتزام من قبلهم بأنَّه " إلتزام سابق على التَّعاقد يتعلَّق بإلتزام أحد المتعاقدين بأن يقدِّم للمتعاقد الآخر عند تكوين العقد البيانات اللازمة لإيجاد رضا سليم كامل مستنير على علم بكافة تفصيلات هذا العقد أو صفة أحد طرَفيه أو طبيعة محلِّه             أو أيِّ إعتبار آخر يجعل من المستحيل على أحدهما أن يلحَّ على بيانات معينة ويحتٍّم عليه منح ثقة مشروعة للطَّرف الآخر الذِّي يلتزم بناءًا على جميع هذه الإعتبارات بالإلتزام بالإدلاء بالبيانات ([18]).
     أمَّا جانب آخر من الفقه فقد يطلق عليه الإلتزام بالإفضاء بحيث يفترض فيه جهل المستهلك ببيانات هامَّة عن الخدمة المعروضة أو السٍّلعة التٍّي يقوم بشرائها وأن يكون جهله لهذه البيانات مشروعًا نتيجة إستحالة علمه بها ، ويكون الهدف من الإفضاء هو تبصير المستهلك أي إزالة جهله بالسِّلعة أو الخدمة وجعله في وضع يتمكَّن معه من إستعمالها والإستفادة منها بطريقة دون تعرُّضه لأيَّة مخاطر([19]).
    غير أنَّ الجانب الأكبر من الفقه يطلق عليه الإلتزام بالإعلام ، ويعرِّفه البعض بأنَّه " إلتزام سابق على التَّعاقد يتعلق بإلتزام أحد المتعاقدين بأن يقدِّم للمتعاقد الآخر عند تكوين العقد البيانات اللاَّزمة لإيجاد رضا سليم كامل متنور على علم بكافة تفصيلات هذا العقد . كما عرَّفه آخرون بأنَّه " إلتزام قانوني عام سابق على التَّعاقد يلتزم فيه الدَّائن بإعلام المدين في ظروف معينة إعلامًا صحيحًا وصادقًا بكافة المعلومات الجوهرية المتَّصلة بالعقد المراد إبرامه والتِّي يعجز عن الإحاطة بها بوسائله الخاصَّة ليبني عليها رضاه بالعقد [20] " .
     يتَّضح من خلال ما سبق أن المصطلحات متعدِّدة لكن مضمونها واحد ، فهي مترادفات كلها ولها معنى واحد [21] . والجديد بالذكر أن هناك التزامات أخرى تتشابه مع الإلتزام بالإعلام أو الإدلاء بالبيانات ، وتدفعنا للقول بأن لها معنى واحد وهي الإلتزام بالتَّحذير أو التَّنبيه و الإلتزام بالنَّصيحة .
     غير أنَّ هذه المصطلحات متغيِّرة المضمون من حالة إلى أخرى بحسب ظروف التَّعاقد وملابساته، فنجدها تتدرَّج من الإلتزام بالإدلاء بالبيانات الذِّي يتميَّز بالموضوعية والحِياد بحيث يقتصر على إلزام المتعاقد بإعلام المتعاقد الآخر بكل ما يكون لهذا الأخير من مصلحة أكيدة في معرفته حول صفات وخصائص المنتج         أو الخدمة مرورا بالإلتزام بالتحذير أو التَّنبيه الذي ينطوي على قدر من التدخل في شؤون الغير من خلال تحذيره من المخاطر التِّي قد تنجم عن التَّعاقد أو عن إستعمـــــال الشَّيء محل العقــــد التِّي يمكن إستخلاصهـــــــا من خلال البيانــــات المدلى بها ، وصولا إلى الإلتزام بالنُّصح الذِّي يشكِّل أعلى درجات الإعلام من خلال مبادرة المدين في تحليل إحتياجات العميل عند عدم التَّعبير عنهــــا بشكــــل كافٍ ، وله أيضــــا أن يتبنَّى حلاً معينًا دون سواه بعد إهمال الحلول الأخرى كونه الحل الأكثــــــر مطابقةً
لحاجاته وغاياته والنَّتيجة التِّي ينشدها العقد [22].
    فالإلتزام بالإعلام يعدُّ واحدًا من أهم الإلتزامات التِّي تقع على عاتق الطَّرف الأقوى والأكثر خبرة ودراية في العقد بإعلام وإخبار الطَّرف الضعيف عند التَّعاقد بكافَّة البيانات التِّي تساعد هذا الأخير على تكوين إرادة مستنيرة إما بالتعاقد أو العدول [23] .
  وبإسقاط هذه المفاهيم على العقد الإلكتـروني فـي مرحلته السَّابقة على التَّعاقد يلاحظ أن ذات المفاهيم تتكرر ، ومرد ذلك يكمن في إعتبار أن وجه الإختلاف بين العقد الإلكتروني والعقد التقليدي يرجع إلى خصوصية الوسيلة المستخدمة في إبرامه ، فإن كان الإلتزام بالإعلام السَّابق للتَّعاقد يتم بشكله التَّقليدي في ظل العقود المادية فهو يتم بشكل إلكتروني عبر مختلف الوسائط الرَّقمية كالبريد الإلكتروني أو المحادثة أو عبر المواقع الإلكترونية التِّي تمثِّل الصُّورة الأهم والأكثر انتشارًا في العقود الإلكترونيَّة [24] .
     ومن ثمَّة جاء الإلتزام بالإعلام الإلكتروني السَّابق للتَّعاقد على أنَّه " إلتزام يقع على عاتق التَّاجر الإلكتروني أو مقدِّم الخدمة الذِّي يتعاقد مع المستهلك من خلال الوسائل الإلكترونية الحديثة ، بمقتضاه يخبر المستهلك بشخصه وبياناته التِّجارية وبكافة البيانات الجوهرية المتعلِّقة بالعقد والتِّي بناءًا عليها يتَّخذ المستهلك قراره بالإقدام على التَّعاقد أو عدم التَّعاقد بناءًا على إرادة حرَّة مستنيرة [25] .
     ولهذا الإلتزام أهمية كبيرة في مجال المعاملات المصرفيَّة الالكترونيَّة ، فتقديم الخدمات الماليَّة عبر وسائط غير تقليدية ينجم عنه العديد من المخاطر وهي لا تقتصر على تلك التِّي يمكن أن تحدث أضرارًا بالبنك بل إن العميل بدوره معرض للضرر الناتج عن الإنفتاح على شبكة الأنترنت ، فقد يصبح موقع البنك وحسابات العملاء في ظل هذا الإنفتاح عرضةً للتلاعب والإختراق ممَّا يؤدِّي إلى التَّعدِّي على الذِمَّة الماليَّة للعملاء الذِّين هم في أغلب الأحوال مستهلكون عاديون ليست لديهم أدنى فكرة عن التِّقنيات المستخدمة للحماية ومدى إمكانية تجاوزها ، وبالتالي فإنَّ التَّعامل عبر الأنترنت يجب أن يحاط بمجموعة من الضمانات توفر إمكانية معرفة العملاء بتلك المخاطر قبل الدُّخول للعمل في بيئة الأنترنت من خلال إلزام البنك بإعلام عملائه عن كافة المخاطر المحيطة بالعمل الإلكتروني[26].
    ولا شكَّ في أن هذه الصُّورة التِّي يظهر عليها هذا الإلتزام من قبل البنك هي قيام هذا الأخير بتزويد العميل بكافة البيانات والإرشادات والنَّصائح التِّي تمكِّنه من الإلمام بتفاصيل الحصول على الخدمة  المصرفيَّة بداية من التَّعرف على شروط تقديم الخدمة مرورًا بالتَّعاقد عليها وإنتهاءًا بالحصول عليها [27] .
   إن الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني لا يختلف عن الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد الإلكتروني سوى في أن الأول يتم في المجال المصرفي وأما الثاني يتعلق بكافة العقود الإلكترونية غير أنهما يتمان بنفس الوسيلة وهي وسيلة إلكترونية ، وهو يمثل عنصر الإختلاف مع الإلتزام بالإعلام في إطار القواعد العامة الذي يتم بالطرق التقليدية عن طريق الوثائق الورقية .
    أما فيما يتعلَّق بطبيعة الإلتزام بالإعلام ما قبل التَّعاقد فقد تعدَّدت الآراء حوله ، فذهب بعض الفقه إلى إعتباره إلتزام عقدي والبعض الآخر يعتبره إلتزام غير عقدي ، ويرجع هذا الخلاف الى أساس الإلتزام ، فهناك من يرى أنَّ أساس الإلتزام بالإعلام السَّابق للتَّعاقد العقد اللاَّحق عليه وبذلك فهو إلتزام عقدي ، والبعض الآخر يرى أن أساسه القانون فيذهب إلى أنه إلتزام غير عقدي [28] .
     كما أنَّ هناك من إعتبر أن أساسه هو الإلتزام بضمان السَّلامة ، ومنهم من ذهب إلى القول بأنَّ أسـاسه هو نظريـَّة عيوب الرضا ، ومنهم من أرجع أساسه إلى مبدأ حسن النية [29] .
      غير أنَّ الراجح أنَّه إلتزام غير عقدي لأن هذا القول هو الأصوب لكونه إلتزام سابق على تكوين العقد ، فكيف يعتبر إلتزاما عقديا والعقد لم ينشأ أصلا هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنَّ فحواه إمداد المتعاقد بالمعلومات المتعلقة بالتعاقد والتي بناءًا عليها قد يقدِم على التَّعاقد أو ينصرِف عنه ، وما يؤكِّد ذلك أن المنتِج أيضًا يلتزم بتبصيـر المستهلك كما عليه أن يرفق بالمنتَج كل المعلومات اللازمة من مكونات المنتَج وكيفية الإستعمال والصِّيانة ومدى الخطورة وكيفيَّة الوقاية منها ، فإذا أخلَّ بإلتزامه كان مسؤولا أمام المستهلك ، فمن الصَّعب القول أنَّ مسؤوليته عقدية لأنَّ المنتِّج لا يربطه بالمستهلك أيُّ عقد ، وعليه فان الإلتزام بالإعلام إلتزام غير عقدي يجد أساسه في نصوص القانون [30] .
الفرع الثالث: النُّصوص المنظِّمة لإلتزام البنك بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني
    لا يوجد نص خاص ينظم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد الإلكتروني بوجه عام وكذلك الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني بصفة خاصة لذا نرجع الى قواعد العامة ، وقد بينا فيما سبق أنه لا يوجد أي إختلاف بين الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني والإلتزام بالإعلام ما قبل التعاقد .
    بالرُّجوع إلى نصوص القانون المدني الجزائري بإعتباره الشَّريعة العامَّة لكافَّة العقود لا نجد نصًا صريحًا ينظِّم هذا الإلتزام إلا أن جانب من الفقه إتجه إلى الإستناد إلى نظرية عيوب الإرادة واعتبر الكتمان أحد وسائل التدليس الذِّي يؤدِّي إلى تعيِيب رضا المتعاقدين وينتج للمدلَّس عليه الحق في المطالبة بإبطال العقد ، وقد ذهب البعض الآخر إلى إعتبار الإلتزام بالإعلام هو الأساس في إعتبار الكتمان تدليسًا لأن كتم المعلومات التِّي يجهلها الدِّائن في الإلتزام  بالإعلام والتِّي لو علم بها لما أقدم على التَّعاقد أو تعاقد بشروط مختلفة يعتبر أحد الطرق الإحتيالية التِّي تكوِّن الرُّكن المادِّي في التدليس الذِّي يصيب الرِّضا [31] .
    غير أنَّه وبالرَّغم من هذا التَّطابق بين الإخلال بالإلتزام بالإعلام عن طريق الكتمان وبين التدليس المؤدِّي للبطلان النِّسبي للعقود ، فإن أصالة الإلتزام بالإعلام واستقلاليته عن غيره من نظريات عيوب الإرادة تدعو إلى التَّميِيز بينهما ، ذلك أنَّ الكتمان حتَّى يمكن إعتباره تدليسًا يحتاج إلى إثبات العنصر المعنوي وهو نية التَّضليل بينما أصالة الإلتزام بالإعلام تعني ببساطة الإستغناء عن العنصر المعنوي في نظريَّة التَّدليس .
    ومن ناحية أخرى فإنَّه يمكن للمتعاقد في حالة أخلَّ المدين بالتزامه بالاعلام بمجرد كتمان البيانات والمعلومات المطالبة بإبطال العقد أو المطالبة بالتعويض دون أيِّ حاجة لإثبات نيَّة التَّضليل [32] .
     ويقول غستان في ذلك أنَّ التدليس يفترض خطئًا عمديًا هو نيَّة التَّضليل بينما الإلتزام بالإعلام يمكن توقيع الجزاء على المخالِف عن طريق التعويض بإثبات الإهمال البسيط في جانب المدين[33]  .
     وعليه لا يمكن الإستناد إلى نصــوص القانون المدني لتفسيـر الإلتزام بالإعلام، وباعتبار العميل مستهلكا تنطبق عليه نصوص القانون المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش رقم 09-03 المؤرخ في 25/02/2009 ، فان هذا الإلتزام نصت عليه المادتين 17 و 18 حيث نصت المادة 17 على أنَّه " يجب على كل متدخِّل أن يُعلم المستهلك بكلِّ المعلومات المتعلِّقة بالمنتوج الذِّي يضعه للإستهلاك بواسطة الوسم ووضع علامات أو بأية وسيلة أخرى مناسبة " .
    بل أكثر من ذلك أصدر المرسوم التنفيذي رقم 13-378 وحدد فيه الشُّروط والكيفيات المتعلِّقة بإعلام المستهلك ، إذ نصَّت المادة 04 منه على أنَّه " يتم إعـلام الـمـســتــهــلك عن طــريق الــوسم أو وضع الــعلامــة أو الإعـلان أو بــأي وســيــلــة أخــرى مــنــاســبــة عنـد وضع المنـتوج للإسـتـهلاك ويجب أن يـقدِّم الخـصائص الأساسية للمنتوج طبقا لأحكام هذا المرسوم " .
    بالإضافة إلى هاذين المرسومين الذين جاءا عامين ينطبقان على جميع المستهلكين فإنه في مجال المعاملات المصرفية لم يكتف المشرِّع الجزائري بعمومية النُّصوص السَّابقة بل نظَّم هذا الإلتزام بموجب نص خاص ضمن قانون النَّقد والقرض بموجب نص المادة 119 مكرر 1 فقرة 2 حيث ألزم البنك بأن يعلم بصفة دورية زبائنه بوضعيَّتهم إزاء البنك وألزمته بتزويد العملاء بكلِّ معلومة مفيدة تتعلَّق بوضعيتهم بالشُّروط الخاصَّة بالبنك .
     كما أكَّد على هذا الإلتزام ضمن نص المادة 05 من النِّظام 13/01 المؤرخ في 08/04/2013 المتعلِّق بالقواعد العامة المتعلِّقة بالشُّروط البنكية المطبَّقة على العمليَّات المصرفيَّة ، وقد نصَّت على أنَّه " يتعيَّن على البنوك والمؤسَّسات الماليَّة أن تبلِّغ زبائنها والجمهور عن طريق كل الوسائل بالشُّروط البنكية التِّي يطبِّقها على العمليَّات المصرفيَّة التٍّي تقوم بها .
    وبهذه الصِّفة يتعيَّن على البنوك والمؤسَّسات الماليَّة أن تُطلِع زبائنها على شروط إستعمال الحسابات المفتوحة وأسعار الخدمات المختلفة التِّي تسمح بها وكذا الإلتزامات المتبادلة بين البنك والزَّبون " .
   نستخلص مما سبق أن المشرع الجزائري قد أوجب على البنك الإلتزام بالإعلام فيما يتعلق بالخدمات المصرفية وأسعارها وشروط الحسابات والإلتزامات المتبادلة بينهما ، ونظرا لكونه لا يختلف عن الإلتزام بالإعلام الإلكتروني سوى في الوسيلة المستخدمة للإعلام وهي وسيلة إلكترونية فإن هذا النص يمكن بطبيعة الحال تطبيقه في مجال الإعلام المصرفي الإلكتروني عبر شبكة الأنترنت للزبائن .
المطلب الثاني: شروط الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني
    يجب لقيام الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني أن يتوافر شرطان نبينهما في الفرعين التاليين :
الفرع الأول : علم المحترف بالبيانات والمعلومات المتعلِّقة بمحل العقد المصرفي الإلكتروني
     يقع على عاتق البنك الإلتزام بإعلام العميل بالمعلومات الجوهرية لمحل العقد المزمع إبرامه ليتحقق له العلم به ولا يكتفي بمجرد العلم بالمعلومات الخاصة بمحل العقد بل أيضا العلم بأهميتها وبدورها المؤثِّر والفعَّال في تكوين رضا المتعاقد ، فقد يصعب حصر وتحديد كافَّة البيانات والمعلومات التِّي يتعيَّن على البنك الإفضاء بها إلى المتعاقد لكونه أمر يتفاوت من عقد إلى آخر غير أنَّه في عقود الإستهلاك ما يهم المستهلك معرفته هو المعلومات والبيانات المتعلِّقة بالخصائص الأساسية والسِّمات الجوهرية للسلع والخدمات التِّي يسعى للتَّعاقد بشأنها [34] .
      فالمصرف ينبغي أن يكون عالمًا بمجموع البيانات المتعلِّقة بمحل الإلتزام وأن يكون علمه هذا مؤثرًا على رضا المتعاقد ، ومن ثمة يجب عليه التًّعهد بإعلام هذا الأخير وفقا لمبدأ الأمانة العقدية والثِّقة المشروعة في المعاملات في نطاق حسن النيَّة التِّي تعدُّ أصلاً واجبًا تمَّ ترجمته في بنود التَّعاقد ، وهو الأمر الواقع في العقود الإلكترونية ، فيفترض في المحترف المستخدم للوسائط الإلكترونية عند عرضه للمنتوج أو الخدمة أن يكون محيطًا بالمعلومات التٍّي تكون ضرورية للمتعاقد [35] .
    وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن الإعتماد على فكرة السِّمات الجوهرية للمنتَج أو الخدمة المزمع التَّعاقد بشأنها وإن كان معيارًا كافيًا لتحديد نطاق الإلتزام بالإعلام ما قبل التعاقد إلاَّ أنَّه ليس معيارًا صالحًا على الدوام ، ولذلك يضع هذا الرأي معيار آخر أكثر اتساعًا وشمولاً وهو مدى ملاءمة البيان أو المعلومة للمتعاقد الآخر، ووفقا لهذا المعيار فإن المحترف يقع عليه إلتزام ليس فقط بتقديم بيانات ومعلومات وإنما إلتزام بإعلام المتعاقد بكل بيان يهمه أن يعرفه ويؤدي في حالة علمه به إلى أن يَعدِل أو يغير رضاه [36].
    وهناك قرائن ودلالات يستدَل منها على أهمية المعلومات والبيانات ، فتقدير مدى إعتبار البيان هاما يجب الإفضاء به من عدمه هو من وسائل الواقع التي يترك الفصل فيها لسلطة وتقدير قاضي الموضوع ، كما أن هناك قيود على البيانات والمعلومات التِّي يلتزم المحترف بالإفضاء بها إلى الطَّرف الضعيف منها الإلتزام بالكشف عن البيانات والمعلومات التِّي تتعارض مع النٍّظام العام والمباديء الأساسية والبيانات التي تحتوي أسرارًا يُؤتَمَن عليها قانونا أو اتفاقا [37] .
     إنَّ طبيعة الإلتزام بالإستعلام من أجل الإعلام هو في حقيقته بحث في درجة العناية المطلوبة من المحترف في إستعلامه عن المعلومات المتَّصلة بالخدمة             أو المنتَج محل العقد ، وقد يتخـــذ هذا الإلتـــزام شكــــل إلتـــزام ببـــذل عنايـــة أو شكـــل إلتزام بتحقيق نتيجة [38] ، فإذا إعتبرناه إلتزام بتحقيق نتيجة فإن المدين لا تبرأ ذمته ولا يعد موفيا بإلتزامه ما لم تتحقق النتيجة المرجوة من هذا الإلتزام ، وهذا بلا شك يثير العديد من الإشكالات القانونية يتمثَّل جلَّها في الوسيلة التِّي يتعيَّن على المدين إنتهاجها للوفاء بإلتزامه وهي إعلام الدَّائن بالذَّات حتَّى يعد موفيا بإلتزامه [39] .
    أما إذا أعتبر إلتزام ببذل عناية فإن المدين يعد موفيًا لإلتزامه متى ما إتخذ وسيلة مقبولة قانونًا في إخطار الدَّائن بالبيانات والمعلومات المتَّصلة بالعقد ، وهذا الإتجاه يعد أقرب للمنطق بحيث تبرَأ ذمَّة المدين من إلتزامه بمجرَّد إتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعلام الطَّرف الآخر حتى ولو لم يعلم بالفعل بتلك البيانات والمعلومات أو لم يترتَّب على الإعلام الفائدة المرجوَّة [40] .
الفرع الثاني : جهل المتعاقد بالبيانات والمعلومات المتعلقة بالعقد جهلاً مشروعًا
      لكي يتحقَّق قيام إلتزام البنك بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني ينبغي توافر شرط جهل العميل بالبيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع التعاقد ، وهذا الجهل يضع إلتزام على البنك بتبصير المتعاقد قليل الخبرة والمعرفة ليحيطه علمــًا بكل ما يتَّصــــــــل بموضوع التَّعاقد من معلومات هامَّة وجوهرية تكفل له
إبرام العقد في ظل إرادة حرَّة واعية ومستنيرة [41] .
     والجهـل الـذي يستطيـــع العميل التمســـك به هـــــو الجهـل المشروع ، ويكون كذلك إذا إستند إلى إستحالة العلم بالمعلومات المتعلِّقة بالشَّيء محل العقد ، ويتجسَّد ذلك عند حيازة المحترف لمحل العقد بصورة لا تسمح للطَّرف الضعيف بمعرفة أوصافه ، وهو ما يتحقَّق في التَّعاقد الإلكتروني حيث يجد المتعاقد نفسه أمام مجرَّد صور للمنتَج أو الخدمات المقدَّمة عبر وسيط إلكتروني ما يسبِّب ذلك إخلال بمبدأ المساواة في العلم بين الطرفين ، كما يمكن أن يستند جهل الطَّرف الضَّعيف إلى إعتبارات الثِّقة المشروعة المستنِدة إلى طبيعة المعاملة بحيث لا تتعارض المصالح  أو صفة الأطراف المتعاقدة [42] .
     فالمتعاقد ينبغي عليه السعي إلى الإستعلام عن البيانات والمعلومات المتعلقة بالخدمة أو المنتَج موضوع العقد المزمع إبرامه ، فالإلتزام بالإعلام يتوقف عندما يتوقف الإلتزام بالإستعلام ، ومن وسائل الإستعلام المتاحة الإستعانة بأهل الخبرة وبالوسائل القانونية المتَّبعة لشهر الحقوق والتحقق من الحالة المالية والمهنية للمحترف والإستعلام كذلك من خلال اللجوء إلى المحترف نفسه [43] .
    ولا بد من الإشارة إلى أن الإستعلام الذِّي يقع على عاتق الطَّرف الضعيف قد تحول دونه إعتبارات تجعل هذا الإستعلام عمَّا يحتاج إليه من معلومات بشأن العقد مستحيلا ، وهذه الإستحالة قد تكون موضوعية ترجع الى طبيعة محل العقد وقد تكون إستحالة شخصية ترجع إلى المتعاقد الضَّعيف نفسه ، ففي هذه الحالة يكلف المحترف بإعلام المستهلك بالمعلومات الهامَّة والجوهرية المتعلقة بالعقد والتي إستحال عليه معرفتها وإلا كان مسؤولا [44].
     والجدير بالذكر أن المهني إذا رغب في إبرام عقد مع مهني آخر في نفس تخصصه لا يمكن أن يكتسب صفة الدَّائنية في الإلتزام بالإعلام الإلكتروني قبل التَّعاقد في مواجهته ، وذلك نظرًا لتكافؤ وتساوي الطرفين من حيث وسائل المعرفة والدراية إلا إذا ثبت أن أحدهما مارس أعمالاً تدليسية وطرق إحتيالية كان من شأنها إيقاع الطَّرف الآخر في الغلط ، فهناك من يرى أنه يحق له الرجوع عليه لإخلاله إتجاهه بإلتزامه بالإعلام [45] ، لكن نرى بأنه يمكنه الإستناد إلى عيوب الإرادة وبالتحديد نظرية التدليس أو الغلط حسب الأركان القائمة وليس الإلتزام بالإعلام الذي يكفي فيه توفر عنصر الجهل بالبيانات والمعلومات من جهة الطرف الضعيف وتوفر عنصر العلم بهذه البيانات والمعلومات من جهة المحترف وكتمانها عنه بنية التضليل والغش .
المطلب الثالث : مضمون إلتزام البنك بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الالكتروني
حسب المادة 119 مكرر 1 من قانون النَّقد والقرض قضت بأنَّه على البنك والمؤسَّسات الماليَّة أن تقوم بتزويد العملاء بكل معلومة مفيدة تتعلق بوضعيتهم بالشُّروط الخاصَّة بالبنك ، وقد وضَّحت المادة 05 في فقرتها 02 من النٍّظام 13/01 السَّالف الذكر ماهية المعلومات المتعلقة بالشروط البنكية وهي المعلومات المتعلقة بشروط إستعمال الحسابات المفتوحة وأسعار الخدمات المختلفة التي تسمح بها وكذا الإلتزامات المتبادلة بين البنك والزبون ، وما دمنا نتحدث عن الالتزام بالاعلام الالكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الالكتروني فإن وسيلة الاعلام بهذه المعلومات تكون عن طريق الوسائل الإلكترونية ، وفي أغلب الأحيان تكون متاحة عبر الموقع الالكتروني للبنك .
وعليه يتضمن إلتزام البنك بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني بصفة عامة بالإضافة إلى ما تضمنته المادة 05 من النِّظام 13-01 السَّابق الذكر العناصر التالية :
الفرع الأول :  تحديد شخص مقدم الخدمة المصرفيَّة الإلكترونيَّة
  في بحثنا هذا مقدِّم الخدمة هو البنك ، إذ يجب أن يشمل العرض مجموع البيانات التِّي تسمح بتعريفه كإسمه وعنوانه ومقر شركته ورقم قيده في السِّجل التِّجاري ورقم وتاريخ التَّرخيص وإسم وعنوان السُّلطة التِّي سلَّمتها ، والتَّعريف بمثل هذه البيانات عبر الوسائط الإلكترونية يبعث الثقة في الطرف الضعيف [46] .
الفرع الثاني : البيانات المتعلقة بالخدمة المصرفية الالكترونية المقدمة
    في العقد المصرفي الإلكتروني تتم عملية تبادل المعلومات وإبرام وتنفيذ العقد عن بعد بحسب الأصل العام ، الأمر الذي يتوجب معه ضمان حد أدنى من الحماية للعميل الإلكتروني بفرض الإلتزام بالإعلام على مقدِّم العرض عبر مختلف الوسائط الإلكترونية وذلك بوجوب ذكر مختلف البيانات التعريفية للخدمة المقدَّمة [47] .
   إن هذا الإلتزام يعد من أبرز الوسائل القانونية المقررة لحماية رضا المتعاقد عموما والمستهلك على وجه الخصوص والذِّي يمكن من خلاله تحقيق إستقرار المعاملات وضمان صحة العقود وتجنُّب المنازعات النَّاشئة بصدد تنفيذها [48] .
    وعليه يلتزم البنك بإعلام العميل بكافة البيانات اللاَّزمة للتَّعرف على طبيعة الخدمة المصرفيَّة وشروط الحصول عليها وكذلك يلتزم البنك بإعلام المتعاقد بالبيانات اللاَّزمة للتعامل مع الموقع الإلكتروني للبنك لإبرام العقد المصرفي بصورة صحيحة وآمنة وذلك قبل التعاقد [49] ، بالإضافة إلى خصائص الخدمة والمقابل المادِّي لها ووسيلة الوفاء الإلكتروني وكيفيته ووقت أداء الخدمة لكي يتمكَّن المتعاقد من خلال دخوله على الموقع معرفة كل ما يريده [50] .
    وأيضا ينبغي إعلام العميل بشروط إستعمال الحسابات والإلتزامات المتبادلة بين البنك والزَّبون حسب ما جاءت به المادة 05 من النظام 13-01 السابق الذكر .
    ولا يكفي تقديم المعلومات مرَّةً واحدة بل يجب الإستمرار في ذلك طوال مدة العقد ما دام المستخدم النهائي في حاجة إلى هذا الإعلام ، وإن لم يكن بصورة واحدة لذلك يمكن تقديم المعلومات عن طريق قناة إعلامية مشفرة أو عن طريق CD-ROME ينتج تفاعلات متساوية مع تقديم المعلومات بطريقة تقليدية على الورق [51] .
     وليس كل بيان يكتبه البنك أو يقدمه للعميل يعتبر وفاء بالإلتزام بالإعلام  الإلكتروني بل يجب أن تتوافر شروط معينة في هذه المعلومات والبيانات ، إذ يجب أن تكون بعبارات واضحة الدلالة على المقصود منها وسهلة القراءة و شاملة لكل المعلومات الجوهرية المتعلِّقة بالتَّعاقد وصادقة ودقيقة وأن تصل إلى المستهلك من خلال إستخدام الوسائل الإلكترونية في الإعلام [52] ، وأمَّا بالنِّسبة للُّغة المعتمدة في الإعلام فإِن غالبية التَّشريعات تفرض الإلتزام بلغتها الوطنيَّة بصفة أصلية مع إمكانية إستعمال لغات أخرى .
   وكذلك نفس الأمر يقال بالنسبة للمشرِّع الجزائري حيث يشترط إعلام المستهلك باللُّغة العربية ، وهذا ما جاءت به المادة 18 من القانون رقم 09/03 السَّابق الذكر والمتعلِّق بحماية المستهلك و قمع الغش بأنَّه " يجب أن تحرر بيانات الوسم وطريقة الإستخدام ودليل الإستعمال و شروط ضمان المنتوج و كل معلومة أخرى منصوص عليها في التنظيم الساري المفعول باللُّغة العربية أساسًا وعلى سبيل الإضافة يمكن إستعمال لغة أو عدة لغات أخرى سهلة الفهم من المستهلكين وبطريقة مرئية ومقروءة و متعذر محوها " .
    فاللُّغة المستعملة تطبيقا لمبدأ الإلتزام بالإعلام هي اللُّغة العربية غير أنَّه لا يوجد ما يمنع إستعمال لغات أخرى في سبيل إعلام المدين عن محل العقد .
    والجدير بالذكر أنَّه ينبغي على المحترف بصفة عامَّة والبنك بصفة خاَّصة أن يحرص بعد إنتهاء المرحلة السابقة على التَّعاقد على النص صراحة على هذا الإلتزام في العقد المصرفي الذِّي سينظِّم علاقته بالعميل ، وبالأخص إذا كانت الخدمة المصرفيَّة محل العقد مستمرَّة ممَّا يجعل العميل دائما في حاجة للإعلام بالتفاصيل التِّي تمكِّنه من الحصول على الخدمة المصرفيَّة على أكمل وجه [53] .
     وعلى الرَّغم من أهمِّية هذا الإلتزام في مجال التَّعاقد المصرفي عبر شبكة  الأنترنت إلا أنَّه لا يروي ظمآنًا إذ أنَّه يحتاج إلى تقرير قدر أكبر من المسؤوليَّة إتجاه البنك عن إخلاله بالإلتزام بالإعلام ، فالمسؤولية تقتصر على السُّكوت العمدي والذِّي يحمل معنى التَّدليس والخديعة ، بل يجب أن يشتمل أيضا على حالة السُّكوت الخاطئ عن سهو أو تقصير والذِّي يعطي العميل في هذه الحالة الحق في إبطال العقد ، ويبرر مسؤولية البنك المشدَّدة خصوصية التَّعاقد المصرفي عبر شبكة الأنترنت والذي يحتاج من البنك مزيدًا من العناية والحرص ، ويضاف إلى ذلك إمكانية إبطال العقد من قبل العميل في حالة إخلال البنك بإلتزامه بالإعلام قيامه بالرجوع على البنك بموجب قواعد المسؤولية التقصيرية بالنظر إلى الضــــرر الـــــذي لحقــــه من جراء خطأ البنك [54] .
    وما دمنا في مجال التعامل الالكتروني والخدمات المقدمة عن بعد عبر شبكة الأنترنت هناك شرط آخر يجب في نظرنا النص عليه كعنصر إلزامي من عناصر الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي وهو الإعلام بمخاطر العمليات المصرفية الإلكترونية وما ينتج عنه من أضرار في ظل تزايد عمليات القرصنة الإلكترونية والإحتيال الإلكتروني ، نبينه فيما يلي :
الفرع الثالث : الإعلام بمخاطر العمليات المصرفيَّة الإلكترونيَّة
    إن البنك كشخص معنوي يحترف القيام بالعمليَّات البنكيَّة يملك من القدرة الإقتصادية والتِّقنية ما يكفي للعلم بالمخاطر التِّي قد تواجه زبائنه أثناء إستفادتهم من خدماته الإلكترونية ، فثقة العملاء بالبنك وقيام الأعمال البنكية على الإعتبار الشخصي تدفعهم إلى ترك توجيه إختياراتهم في إبرام العقد مع البنك ، لذا وجب على هذا الأخير إعلام عملائه بالمخاطر المترتِّبة عن إستفادتهم من الخدمات البنكيَّة الإلكترونية حتَّى يكون العميل قد تعاقد بإرادة ورضا صحيحين[55] .
   وقد أوجبت بعض البنوك المركزيَّة في بعض الدول على البنوك إعلام زبائنها عن مخاطر العمليَّات البنكيَّة الإلكترونيَّة وجعلته بمثابة إلتزام قانوني مفروض على البنك المقدِّم للخدمات المصرفيَّة الالكترونيَّة يكون موجها لعملاء البنك الراغبين وغير الرَّاغبين في التَّعاقد معه على الخدمات الإلكترونيَّة [56] .
الخاتمة :
     لقد تطرقت في هذا البحث إلى موضوع الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الالكتروني حيث تناولت في البداية مفهوم العقد المصرفي             الإلكتروني ، إذ كان المهم التَّطرق إليه مادام الحديث عن الإلتزام بالإعلام الإلكتروني في مجال التَّعامل المصرفي حتى يتضح مفهوم هذا الإلتزام والمجال  الذي ندرسه فيه ثم تناولت تعريف الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني وشروطه والنُّصوص القانونية التِّي تنظمه ثم بيَّنت مضمونه .
النتــــــــائج :
     لقد تمَّ التَّوصل من خلال هذا البحث إلى النَّتائج التالية :
ـ لا يوجد نص قانوني خاص ضمن قانون النقد والقرض ينظم الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التعاقد المصرفي الإلكتروني  مما جعلنا نتناول دراسة النص العام المنظم للإلتزام بالإعلام المنصوص عليه في قانون النقد والقرض ونرى إمكانية تطبيقه في مجال التعامل المصرفي الإلكتروني .
ـ إمكانية تطبيق النص القانوني الخاص بالإلتزام بالإعلام المنصوص عليه في قانون النقد والقرض على التعاقد المصرفي الإلكتروني غير أن ذلك غير كافٍ في ظل تنامي إستعمال الأنترنت في جميع المجالات وتزايد معاملات التجارة الإلكترونية.
ـ إن الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني لا يختلف عن الإلتزام بالإعلام في القواعد العامَّة سوى أنَّه يتم إلكترونيًا عبر شبكة الأنترنت ِّ جعلته يتَّسم ببعض الخصوصيَّة والخطورة معًا والتي تفرض ضرورة وضع نصوص قانونية تتناسب مع هذا الوضع .
ـ إن خصوصية الإلتزام بالإعلام الإلكتروني ما قبل التَّعاقد المصرفي الإلكتروني ترجع إلى كونه يتم عن بعد عن طريق شبكة الأنترنت ووسائل الإتصال             الحديثة ما يجعل العميل الذٍّي يعد طرفًا ضعيفًا بالمقارنة مع المحترف الممَثَّل في البنك في حاجة إلى الحماية القانونية ، إذ لم تعد النُّصوص التِّي تعالج العلاقات التقليدية كافية .
ـ إن الأثر المترتب عن عدم إلتزام البنك مقدم الخدمة بهذا الإلتزام يتمثل في حق العميل المطالبة بالتعويض إستنادا إلى قواعد المسؤولية التقصيرية بإعتباره إلتزام قانوني سابق للتعاقد .
ـ وأمَّا عن المخاطر فإنها تنبع من الوسيلة المستخدمة في تنفيذ هذا الإلتزام وهي شبكة الأنترنت والتِّي قد يتعرَّض فيها موقع البنك على شبكة الأنترنت إلى هجمات القرصنة والتجسُّس وإختراق حسابات العملاء والتحويل الإلكتروني غير المشروع للأموال وبصفة عامة إرتكاب جرائم إلكترونية تؤدي إلى الإضرار بالبنك والعميل .
التوصيات :
ـ سن قواعد جديدة تتلاءم طبيعة العقد والوسيلة المستخدمة في إبرامه والتِّي تستطيع أن توفِّر للعميل حماية أكثر، إذ يتعيَّن على المشرِّع الجزائري إحاطة هذا الإلتزام بالمزيد من الحماية القانونية ضمن قانون النَّقد والقرض بنصوص واضحة ودقيقة تبيِّن مضمونه ونطاقه والجزاءات المترتِّبة عن الإخلال به .
ـ ينبغي إحاطة مواقع البنك وكافة أشكال التَّعامل الإلكتروني بما فيها إبرام العقد المصرفي الإلكتروني بوسائل الحماية الفنيَّة والتقنيَّة لضمان حماية حقوق أطراف التَّعاقد وبالأخص الطرف الضعيف في العقد الذِّي يتمثَّل في العميل .
الهوامش والمراجع المعتمدة

[1] د. كوثر سعيد عدنان خالد، حماية المستهلك الالكتروني، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية – مصر ، طبعة 2012 ، ص 275 و 276 .
[2] د. خالد ممدوح ابراهيم ، حماية المستهلك في العقد الالكتروني ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية - مصر  ، الطبعة الأولى 2008 ، ص 93 .
[3] د . عبد المنعم موسى ابراهيم، حماية المستهلك دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى 2007 ، ص 360 و 362 .
[4] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 96 .
[5] د . علاء التميمي، التنظيم القانوني للبنك الإلكتروني على شبكة الأنترنت، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية - مصر ، طبعة 2012، ص 348 و 349 .
[6] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 320  .
[7] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 320  و321
[8] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 324 .
[9] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 324 .
[10] حازم نعيم الصمادي ، المسؤولية في العمليات المصرفية الإلكترونية ، دار وائل للنشر ، عمان - الأردن ، الطبعة الأولى ، سنة 2003 ، ص 45 .
[11] د. ايمان مأمون أحمد سليمان ، ابرام العقد الإلكتروني واثباته ، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية – مصر ، طبعة 2008 ، ص 56 .
[12] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 337 و 338 و 339 .
[13] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 339 .
[14] محمود محمد أبو فروة ، الخدمات البنكية الالكترونية عبر الأنترنت ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان - الأردن ، الطبعة الأولى ، السنة 2009 .
[15] سليم سعداوي ، عقود التجارة الالكترونية دراسة مقارنة ، دار الخلدونية ، الجزائر ، الطبعة الأولى 2008 ، ص 24 .
[16] د.كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 276 .
[17]د.كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 277
[18]د.كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 277
[19]   د.كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 278
[20]   د . خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 94  و 95 .
[21] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 278 .
[22] يوسف عودة غانم المنصوري، نحو تطورات في المسائل التجارية والمصرفية، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى 2013 ، ص 257 و 258 .
[23] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 348 .
[24] عائشة قصار الليل ، الالتزام بالاعلام الالكتروني السابق للتعاقد ، بحث منشور بمجلة الباحث للدراسات الأكاديمية لكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة باتنة 1 ، العدد العاشر جانفي 2017 ، ص 225 .
[25] عائشة قصار الليل ، المرجع السابق ، ص 225 و 226 .
[26] محمود محمد أبو فروة ، المرجع السابق ، ص 32.
[27] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 349و 350 .
[28] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 283 .
[29] د . خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 95 و 96 .
[30] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 285 .
[31] عبد المنعم موسى ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 375 و 376 .
[32] عبد المنعم موسى ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 376 .
[33] عبد المنعم موسى ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 376 .
[34] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 97 و 98 .
[35] عائشة قصار الليل ، المرجع السابق ، ص 227 .
[36] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 98 .
[37] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 98 و 99 .
[38] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 100 .
[39] يوسف عودة غانم المنصوري ، المرجع السابق ، ص 258 .
[40] يوسف عودة غانم المنصوري ، المرجع السابق ، ص 259 .
[41] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 100 و 101 .
[42] عائشة قصار الليل ، المرجع السابق ، ص 227 .
[43] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 100.
[44] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 100 و 101 .
[45] د. خالد ممدوح ابراهيم ، المرجع السابق ، ص 102 .
[46] عائشة قصار الليل ، المرجع السابق ، ص 232 .
[47] عائشة قصار الليل ، المرجع السابق ، ص 225 .
[48] يوسف عودة غانم المنصوري ، المرجع السابق ، ص 255 .
[49] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 356 .
[50] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 305 .
[51] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 305 .
[52] د . كوثر سعيد عدنان خالد ، المرجع السابق ، ص 300 و 301 .
[53] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 356 .
[54] د . علاء التميمي ، المرجع السابق ، ص 357 .
[55] محمود محمد أحمد أبو فروة ، المرجع السابق ، ص 34 .
[56] محمود محمد أحمد أبو فروة ، المرجع السابق ، ص 34 .

المتابعون