الجمعة، 4 أكتوبر 2019

مفاهيم أساسية حول التكنولوجيا المالية

مفاهيم أساسية حول التكنولوجيا المالية

أ.حمدي زينب

أ.أوقاسم الزهراء

المركز الجامعي لتامنغست



الملخص
تعد التكنولوجيا المالية وليدة ما خلفه التقدم التكنولوجي في الجانب المالي للإقتصاد العالمي ، أفرزت وجه تمويلي جديد و ناشىء مجسد في الشركات الناشئة ، والتي مثلت تحدي أمام البنوك التقليدية من جانب، ومن جانب آخر منافسا شرسا قد يقلل من فرصها الإستثمارية إذا لم تتدارك وتيرة العالم من تقدم رقمي  بما يخدم زبائنها، حيث تسهم هاته التكنولوجيا في عدة ميزات تنعكس على المستثمرين الممولين  من جهة وعلى المستفيدين من الخدمات المالية من جهة أخرى ما يسهم في دفع وتيرة تقدم الدول وقد يودي بها لعدة مخاطر نظير هذا التطور، حيث يتطلب نماء هذا النوع من التكنولوجيات بيئة حاضنة خاصة وتنظيمات تشريعية تكفل لها السير الحسن وتضمن أمان مستخدميها بنفس الوقت.
الكلمات المفتاحية : التكنولوجيا المالية ، الشركات الناشئة ، منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا.

Basic concepts of financial technolog

Hamdi zineb

zzineb488@gmail.com

Ougacem zohra

tamzhra@gmail.com      

Tamanrasset University Center


Abstract
Financial technology has been born by the technological advances which is made from the financial aspect on the global economy. had created a new and creative form such financing in emerging companies, which has challenged traditional banks, but at the other side sounds like a fierce competitor might reduce its investment opportunities if it's not adjusting the world's pace. This technology contributes to some features number reflected in the financial investors as well as the beneficiaries of the financial services. This contributes to the progress of countries and may present a number of risks for this development. The development of this technology requiring a special incubator environment Legislative regulations ensuring such a good operation and even users safety at the same time.
Keywords: Financial Technology, Emerging Companies, Middle East and North Africa .
مقدمة:
شهدت الساحة الإقتصادية والمالية على وجه الخصوص العديد من التطورات والتي جاءت كضرورة حتمية أملتها التطورات التي تشهدها فضاءات تكنولوجيا الإعلام والاتصال من هنا دعت الحاجة إلى إجبارية إبتكار أدوات مالية جديدة قادرة على تلبية إحتياجات المستثمرين داخل هذه الساحة، من بين هذه الإبتكارات ما عرف بالتكنولوجيا المالية والتي تعتبر بمثابة ثورة إقتصادية جديدة وعليه نطرح الإشكال التالي : ما هي التكنولوجيا المالية وكيف تتم آلية عملها من خلال مختلف قطاعاتها؟
نحاول الإجابة على هذا الإشكال من خلال المحاور التالية :
  1. نظرة عامة حول التكنولوجيا المالية
  • تعريف التكنولوجيا المالية؛
  • حجم الاستثمارات في التكنولوجيا المالية بالعالم؛
  • الدول الأكثر استخداما للتكنولوجيا المالية؛
  • أسباب لجوء العالم للتكنولوجيا المالية .
  1. قطاعات التكنولوجيا المالية و آفاقها في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا
  • قطاعات التكنولوجيا المالية( الموجة الأولى، الموجة الثانية)؛
  • العراقيل التي تقف أمام نمو التكنولوجيا المالية وعراقيلها في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا .
  1. نظرة عامة حول التكنولوجيا المالية
  1. تعريف التكنولوجيا المالية (fintech) : بصورة عامة هي أي اختراع تكنولوجي يتم توظيفه في الخدمات المالية، و هذه الإبتكارات التي أستِخدِمَت في هذه الصناعة وطَوَرَت تكنولوجيات جديدة تنافس الأسواق المالية التقليدية، وكان للشركات الناشئة دور كبير في عملية ابتكار تكنولوجيات جديدة، ولكن العديد من البنوك العالمية الكبيرة مثل HSBC و كردت سويز طوروا أفكار الفينتك الخاصة بهم[(1)].
وحسب معهد البحوث الرقمية في العاصمة البولندية دبلن فإن التكنولوجيا المالية هي عبارة عن الإختراعات والإبتكارات التكنولوجية الحديثة في مجال قطاع المالية، وتشمل هذه الإختراعات مجموعة البرامج الرقمية التى تستخدم في العمليات المالية للبنوك والتي من ضمنها :المعاملات مع الزبائن والخدمات المالية مثل تحويل الأموال وتبديل العملات وحسابات نسب الفائدة والأرباح ومعرفة الأرباح المتوقعة للإستثمارات و غير ذالك من العمليات المصرفية[(2)].
  1. حجم الإستثمارات في التكنولوجيا المالية عبر العالم : شهدت الإستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية إرتفاعًا ملحوظا، من 928 مليون دولار عام 2008، إلى 4 مليارات دولار عام 2013، ثم نمت تلك الإستثمارات إلى 20 مليار دولار عام 2015، وذلك وفقًا لشركة البحوث "فاليو أد". 
   ومن المتوقع أن تصل الإستثمارات إلى 46 مليار دولار بحلول عام 2020، بفضل التقدم التكنولوجي والمنتجات المالية المبتكرة ، كما وتساهم شركات رأس المال الإستثماري بنسبة 24% من إجمالي الإستثمارات، وشركات الأسهم الخاصة بنسبة 15%، والمستثمرون المغامرون بنسبة 12%، وغير ذلك من الجهات الإستثمارية بنسبة 49% وهو ما يوضحه الشكل الموالي :

الشكل (1) حجم الإستثمارات في التكنولوجيا المالية عبر العالم من 2008 إلى 2020 .
المصدر : ما المقصود بـ" Fintech " وكيف تساهم في تشكيل مستقبل المدفوعات في المنطقة عن الخط: https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/439782
  1. الدول الأكثر إستخداما للتكنولوجيا المالية :
من الدول الأكثر استخداما للتكنولوجيا المالية في أعمالها المالية نجد "الصين" تستخدمها بما نسبته 69%، "الهند" بنسبة 52%، وتحل ثالثاً "المملكة المتحدة" بنسبة 42% وهي من أكثر الدول المتقدمة اقتصادياً، ثم 40% لـ"البرازيل"، و37% لكل من "أستراليا" و"إسبانيا" ومن بعدهم "المكسيك" بنسبة 36%  وللتوضيح أكثر نضع الشكل التالي[(3)] :

الشكل (2) : الدول الأكثر استخداما للتكنولوجيا المالية
المصدر : من إعداد الباحثتين اعتمادا على المعطيات السابقة
4- أسباب لجوء العالم إلى التكنولوجيا المالية: تساهم تكنولوجيا "فينتك" في القضاء على عادات التمويل القديمة المتعلقة ببدء عمل تجاري على سبيل المثال، والتي تقتضي اتجاه المستثمر نحو البنك المحلي الخاص وتقديم طلب الحصول على قرض، كما أنها تبطل العادات المتعلقة بقبول بطاقات الائتمان من جانب الشركات، والتي كانت تتطلب حساباً مع مزود ائتماني كبير، فشركات التكنولوجيا المالية بحثت عن حلول للمشاكل المالية المتعلقة بالمستثمرين خارج الأنظمة المالية والمقدرين بملياري فرد حول العالم، و70 مليون فرد داخل الولايات المتحدة.
أما باستخدام التكنولوجيا المالية فالتمويل يعتبر عملاً جماعياً أو الدفع عبر الهاتف المحمول، خدمات تحويل الأموال هي ثورة في الطريقة التي تبدأ بها الشركات الصغيرة ، وقبول المدفوعات ثم انتشارها عالمياً، فهي بالتالي تسهل عمليات بدء الأعمال التجارية.
والتمويل الجماعي هو جمع سريع للمال وبتكلفة زهيدة في جميع أنحاء العالم، والذي كان من المستحيل أن يتم قبل ذلك، فهي تقصر الجدول الزمني لبدء أعمال الشركات من اجتماعات تستمر عدة أشهر إلى أسابيع قليلة، فهي تسهل عملية العثور على رأس المال اللازم لبدء عملية التشغيل[(4)].
  1. قطـــاعــــات التكنـولوجـــيــا الماليـة و عراقيلها بالمنطقة
  1. قطاعات التكنولوجيا المالية  : إن أهم القطاعات التي تتبناها الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية بصورة عامة تتمثل في المدفوعات وتحويل الأموال ، التامين ، والعملات الرقمية المشفرة . حيث يعد قطاع المدفوعات أكثر القطاعات انتشارا ونجد أيضا إدارة الثروات والجدول الموالي يبين ذلك[(5)]:
الجدول (1) : يمثل قطاعات التكنولوجيا المالية بمختلف الدول
تحويل الأموال والمدفوعات تخطيط مالي الادخار والاستثمار الاقتراض التأمين
الصين 83% 22% 58% 46% 47%
الهند 72% 21% 39% 20% 43%
البرازيل 60   % 20% 29% 15% 38%
استراليا 59 % 15% 27% 13% 32%
بريطانيا 75% 13% 25% 12% 31%
المصدر: وهيبة عبد الرحيم وآخرون، وهيبة عبد الرحيم وآخرون، شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، Refaad، ص36.
ويتم تقسيم  هاته القطاعات وفق التقدم التي تحرزه بالأوساط المالية من خلال مختلف البيئات المهيئة لها على النحو التالي :
أولا : قطاعــــات الموجــة الأولــى : المقصود بقطاعات الموجة الأولى وذلك حسب ما جاء في تقارير ومضة العلمية أنها القطاعات التي تنتمي إلى البيئة الحاضنة الناشئة والتي يتميز معظم زبائنها بإمتلاك الوسائل التكنولوجية البسيطة مثل الهواتف الذكية والتطبيقات التي تمكنهم من إجراء معاملاتهم المالية البسيطة كالدفع والحصول على الإئتمان كدرجة أولى ، هذا من جهة ومن جهة أخرى تنظيماتهم القانونية والتشريعية التي تهيء لهم ذلك والتي تضمن سيرورة عمل آمنة ومستقرة لحد بعيد ، حيث شكل العالم العربي مقرا لـ 105 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في نهاية عام 2015 تغطي قرابة 12 دولة[(6)].
الأنشطة الرئيسية لهذا القطاع تتجسد في  الخدمات التي تقدمها البنوك من خلال النت أو التي تعمد الشركات الناشئة لتقديمها بالإشتراك مع البنوك أو بشكل مباشر  منها وهي  كما يلي :
  1. قطــــــــاع المدفوعـــات : يعتبر الدفع لمنتج أو خدمة بإستخدام جهاز محمول جذابًا للمستهلكين المعاصرين بسبب سرعته وبساطته وأمانه بحيث يمكن شراء أي شيء تقريبًا عبر جهاز محمول، حيث كشفت دراسة استقصائية على الإنترنت لأكثر من 7500 مستخدم للهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم عن مشاركة مستخدمي الهواتف المحمولة الذين أجروا دفعة عبر الهاتف المحمول. ثم تم تقسيم النتائج حسب أنواع السلع التي تم شراؤها. اعتبارا من أكتوبر 2014 كان 65 بالمائة من مستخدمي الهواتف المحمولة في الصين قد اشتروا سلعًا مادية مثل الملابس أو فنجانًا من القهوة عبر الجوّال بالمقارنة  كان 17٪ فقط من مستخدمي الجوال في الولايات المتحدة قد اشتروا خدمة حقيقية مثل تذكرة وسائل النقل العام ، باستخدام الهاتف المحمول، كما ويمكن قياس نمو صناعة الدفع بواسطة الهاتف النقال وفقًا لعدد معاملات الدفع عبر الهاتف المتحرك التي يتم إجراؤها سنويًا ، ففي عام 2011  وجد أن عدد الدفعات عبر الهاتف المحمول في جميع أنحاء العالم بلغ 7 مليارات دولار وإرتفع إلى 11.1 مليار في السنة في وقت لاحق ، ويتوقع الخبراء أن يرتفع هذا العدد على أساس سنوي ليصل إلى 47 مليار صفقة في عام 2015[(7)].
تجدر الإشارة أن الشركات الناشئة التي تقدم خدمات المدفوعات مع الإقراض في الواقع 84 % من جميع الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا[(8)]، حيث أدى انتشار أجهزة الجوال مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية إلى نمو قوي في التجارة عبر الأجهزة المحمولة ، في الربع الرابع من عام 2016  بلغ إنفاق التجارة الإلكترونية المتنقلة في الولايات المتحدة 22.7 مليار دولار أمريكي. تتوافر إمكانات التسوق على الأجهزة المحمولة أو تطبيقات الهاتف المحمول المخصصة بشكل خاص: يزود رواد السوق عبر الإنترنت eBay و Amazon تطبيقات ومواقع التسوق المخصصة للجوال في العديد من المتاجر الفعلية ، يمكن أيضًا استخدام الأجهزة المحمولة كطريقة للدفع باستخدام تقنيات NFC لفحص المحافظ الرقمية[(9)]، خدمات هذا القطاع تشمل عادة كل من : دفع الفواتير ، تحويل المدفوعات محليا ، تطبيقات المحفظة الإلكترونية على الهواتف المحمولة، ومن أبرز الأمثلة بالمنطقة المدروسة نذكر :
  • شركة مدفوعات MADFOO3AT الأردن والمختصة بدفع الفواتير.
  • شركة BEAM الإماراتية والتي تختص بالمحافظ الالكترونية في شكل تطبيق يرتبط ببطاقات الزبائن الائتمانية .
  1. قطـــاع الإقــــراض و الحصول على رأس المـــال: يعتبر الإقراض من نظير إلى نظير (P2P) نوعًا جديدًا من "إقتصاد المشاركة"، تساعد منصات الإقراض P2P على ربط المستثمرين بالمقترضين دون أن يعمل البنك كوسيط. بين عامي 2014 و 2015  كان من المتوقع أن ترتفع قيمة الإقراض العالمي P2P إلى قيمة سبعة أضعاف ما كانت عليه في عام 2014 - من 9 مليار إلى 64 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050 ، من المتوقع أن تكون القيمة قريبة من تريليون دولار أمريكي[(10)].
فبالعادة تحتكر البنوك جانب الإقراضات ، لكن المشكلة التي عملت الشركات الناشئة على حلها أن أخذت تستقطب جانب الأفراد الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية وكذا طالبي رؤوس الأموال أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة الذين لا توفر لهم البنوك نسبة معتبرة من القروض وتعمل غالبا على تهميشهم ،  ساهم هذا كثيرا في تطور جانب العمل لدى هاته المؤسسات الناشئة بالتكنولوجيا المالية ، أهم الأنشطة التي تمارس في هذا السياق ما يلي :
  • تدوير الأموال : هي منصة للإقراض الإئتماني الرقمي في شكل مباشر دون وسائط  يحركها بالكامل شبكة مستخدميها وكمثال نجد شركة MONEY FELLOWS بمصر- 2014  فكرة تدوير الأموال أو الجمعية كما يطلق عليها بمصر في أكثر من 90 دولة تتيح للأفراد الحصول على قرض دون اللجوء للبنك ،كما تتيح للمستخدمين بناء سجل ائتماني بناء على أدائهم في دورات المال[(11)].
  • التمويل الجماعي : هي منصات إلكترونية لجمع الأموال من عموم الناس وذلك بهدف تمويل مشروع ما ، يقوم صاحب المشروع بعرض فكرته وتوضيح مميزات وأهداف مشروعه مع تحديد تكلفة المشروع ويمكن لصاحب الفكرة استخدام الأموال المجمعة بعد اكتمال المبلغ المطلوب لتمويل المشروع خلال فترة زمنية محددة .فكرة مواقع التمويل الجماعي بسيطة كانت كمتنفس للمبدعين ورواد الأعمال لأنها أسهمت أولا في زيادة حريتهم المالية و ثانيا ساعدت في تخليصهم من سلطة المستثمرين[(12)]، وكمثال نجد شركة إيواء IWWA -الأردن- 2013  .
  • منصات مقارنة القروض : تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق العالمية الناشئة حاليا فجوة تمويل تتجاوز قيمتها 2 ترليون دولار أمريكي أي حوالي 260 مليار دولار أمريكي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعكس هذه الفجوة الفرق الشاسع بين العرض و الطلب على رأس المال بين هاته الشركات و مزودي التمويل التقليدي (البنوك)[(13)].
هاته المنصات لعبت دور الحل التمويلي البديل لدعم نمو قطاع الشركات الصغيرة و المتوسطة والذي يعد بمثابة العمود الفقري للاقتصاد والذي لا يحظى بالدعم المطلوب ، ففي دولة الإمارات هناك حوالي 300 ألف شركة صغيرة ومتوسطة تسهم بأكثر من   60 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتوفر أكثر من 42 % من إجمالي الفرص حيث توفر منصات المقارنة مختلف العروض التمويلية وتطرح كل الصيغ المتوفرة مع خصائص كل عرض ما يسهل على المستفيد البحث عن أفضل عرض من ناحية الفرصة والتكلفة المناسبين له دون عناء البحث و طول الوقت لذلك . وكمثال على ذلك نجد شركة compareit4me.com - الإمارات -2011
الشكل رقم 03 تطور شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا

المصدر : وهيبة عبد الرحيم وآخرون، وهيبة عبد الرحيم وآخرون، شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، Refaad، ص8.
من خلال هذا الشكل يتجسد لنا التطور التراكمي التدريجي لشركات التكنولوجيا المالية بمنطقة الشرق الأوسط  حيث تشمل الانطلاقات التراكمية في قطاع المدفوعات بشكل رئيسي و جزء من ، أما ما يخص الانطلاقات الحديثة فهي تشتمل في الغالب على جانب الاقراضات و تعبئة رؤوس الموال .
ثانيـا: قطاعــــات الموجــة الثانيـة :
على مستوى هذا الجزء تتوسع دائرة نشاطات شركات التكنولوجيا المالية لتشمل أنشطة ترتكز أكثر فأكثر على التقنية العالية الدقة والتكنولوجيا المتقدمة في المجال المالي وذلك بتوفر بيئة أكثر حداثة  و أسواق أكثر زخما رقميا وحركة إستثمارية أوسع من القطاع الأول الذي يمكن وصفه بالبدائي .
   وفق هذا التقسيم تتضمن قطاعات الموجة الثانية للتكنولوجيا المالية حسب تقارير مخبر ومضة ما يلي :
  1. التحويل الدولي للأمـوال: في شكل مدفوعات دولية حيث وصلت قيمة التحويلات المالية إلى الدول النامية عام 2015  لـ 431 مليار دولار ،حلت المملكة العربية السعودية ثانيا و الإمارات رابعا من حيث التحويلات المرسلة سنويا[(14)].
  2. إدارة الثـروات : تحت هذا البند فان خدمة إدارة الثروات تتضمن كل من التخطيط المالي وإدارة المحافظ الاستثمارية وعدد من الخدمات المالية المجمعة للأفراد الأثرياء وأصحاب الأعمال الصغيرة و الأسر الذين يرغبون في مساعدة وإستشارة مالية يدعون متخصصين معتمدين لإدارة ثرواتهم من تنسيق خدمات مصرفية وتخطيط عقاري وموارد قانونية وإدارة الضرائب المهنية والإستثمار ، لكنه و بذكر المصارف تحل المؤسسات الناشئة في التكنولوجيا المالية محل النشاطات المصرفية وتنافس عليها بإغتنامها لفرصة شريحة الأفراد الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية وكذا المغتربين والأفراد ذوي الدخل المرتفع باستثمار مدخراتهم .
هاته الخدمة هي في طريقها لمنطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا باعتبار عدد المغتربين بها و كذا معدلات الدخل المرتفعة خاصة بمنطقة الخليج العربي .
  1. الــتــأميــن Insurtech : يوجد عدد كبير من الموظفين لا يمتلكون حسابا مصرفيا وبالتالي دون وجود حساب مصرفي لا يمكن العثور على سجل ائتماني ولن يكون هناك مشاركة في مؤسسات تختص بالخدمات التأمينية ، لكن شركات start-up للفينتك أوجدت الحل لذلك ، فالبرغم أن شركات منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا لم تدخل فعليا بالتجربة التأمينية للخدمات الرقمية لكن بالأسواق المتقدمة يمكن لها أن تثبت وجودها بهذا النهج من خلال ما يسمى : بالتأمين فائق الصغر . بحيث يذكر خبير ومضة السيد : ميشيل جروسو" إن معدل انتشار التامين فائق الصغر في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا يبلغ 0.3 % بينما معدل انتشار الهاتف المحمول وصل إلى 120 % " ما يبين الفارق الكبير بين الخدمة الرقمية بالمنطقة و فرص تطويرها العالي، حيث تربط شركات التامين الكبرى بالعديد من مشغلي خدمات الهاتف المحمول و ذلك لتقديم منتجات التامين الأساسية باستخدام الهاتف المحمول في المناطق التي لا تصلها خدمات التامين[(15)] .
الشكل رقم 04 : إجمالي الإستثمارات في النشاطات التأمينية للتكنولوجيا المالية بين 2012-2017 .

Source: Pulse of Fintech Q4'17, Global Analysis of Investment in Fintech, KPMG International (data provided by PitchBook) February 13, 2018.
  من خلال هذا الرسم البياني يتبين الإتجاه التصاعدي لحجم الإستثمارات في المجالات التأمينية  عبر العالم ويعزى هذا التصاعد المستمر من 2012 لغاية 2017 حسب الخبراء إلى التنافسية المحتدمة بين كل من المؤسسات التأمينية التي تمارس نشاطها الأصلي بذلك والتي تعمد على تقديمه في صيغته الرقمية حسب التطورات التكنولوجية و بين هاته المؤسسات الناشئة و التي تمارس نشاطها بمنتوجاتها الجديدة و المبتكرة في التكنولوجيا المالية ، ولا ننسى جوانب أن هناك رأس مال مغامر يهوى الربحية الذي ينجر خلف هذه الصناعة الجديدة و كذا جانب الاستحواذ والدمج التي قد تتم بين المؤسسات التأمينية و الشركات الناشئة بالمجال .إذ أن أسواق منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا لا زالت في خطواتها الأولى على نهج قطاع insurtech تعد لندن أكثر بيئة تقدما في هذا الميدان .
  1. سلسلــــــــة البلوكـــات ( العملات الرقميــــــــــــة المشفـــرة ) : البلوك تشين chain   block وهي قاعدة بيانات موزعة تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات المسماة (كتل). تحتوي كل كتلة على الطابع الزمني و رابط إلى الكتلة السابقة. صُممت سلسلة الكتل بحيث يمكنها المحافظة على البيانات المخزنة ضمنها والحؤول دون تعديلها، أي أنه عندما تخزن معلومة ما في سلسلة الكتلة لا يمكن لاحقاً القيام بتعديل هذه المعلوم، هذه التقنية عالية الدقة أسهمت في قفزة نوعية رقمية جعلت الكثير من المتعاملين الاقتصاديين يتخوفون منها فهم بين مؤيد ومعارض ، أشهر العملات الرقمية المتداولة عبر النت هي البيتكوين BITCOIN .
وكمثال نورده على ذلك : نجد شركة BitOasis - الإمارات- 2014 حسب ومضة هي أول شركة ناشئة في المنطقة لتقديم خدمات العملات الرقمية المشفرة هي محفظة آمنة و متاحة حاليا في دول الخليج العربي ، تسمح للأفراد بشراء البيتكوين و إرساله إلى جميع أنحاء العالم بسرعة  ومن دون امتلاك حساب مصرفي حيث تعتمد هذه المحفظة على تقنية التوقيعات المتعددة وتقدم معايير أمان عالية .
الشكل رقم 05 : تطور الاستثمار في شركات BLOCKCHAIN  2013-2017

المصدر : تقرير2017   pulse of fintech
من خلال الشكل السابق نلاحظ تطور حجم الاستثمارات العالمية بسلسلة الكتل رغم أن البعض يرون أن هذا التطور السريع و الضخم قد يكون مجرد فقاعة  لكن التكنولوجيا وراء هذه التقنية المتطورة تبدو جذابة وواعدة في نظر آخرين نظرا للتطبيقات التي لا حصر لها كما أن شركات رأس المال المخاطر وجدت السبيل لكسب رهان الربحية في جانب العملات المشفرة و التي تبين أن البيتكوين هي أبرزها، حيث انه بلغ قرابة 40% في 2017 عنه في 2016 ما يبرز القفزات الهائلة في هذا الجانب .
2-  العراقيل التي تقف أمام نمو التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا: هناك معوقات كبيرة هيكلية ومؤسسية وعلى صعيد السياسات تواجه نمو التكنولوجيا المالية[(16)]:
· ضعف بيئة الأعمال بوجه عام 2016 حيث لا تزال القيود على دخول الكيانات الأجنبية إلى الأسواق تحد من إمكانية دخول شركات التكنولوجيا المالية العالمية القائمة بالفعل إلى الأسواق .
· ندرة حصص الملكية الخاصة ورؤوس الأموال المخاطرة التي ارتكز عليها نمو التكنولوجيا المالية في الاقتصاديات المتقدمة على سبيل المثال قيمة كل استثمارات حصص الملكية الخاصة ورؤوس الأموال المخاطرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حالة من الركود عند حوالي مليار دولار. كذلك يلاحظ أن الاستثمارات لا تزال مركزة في الإمارات وقد تراجعت أكثر في ظل انخفاض أسعار النفط العربية المتحدة بينما توجد عدة عوامل مقيدة للنمو، بما فيها القواعد التنظيمية التي تفرض القيود.
· عدم اليقين القانوني بسبب الفجوات التنظيمية يعيق نمو هذا القطاع  رغم العمل الجاري لتطوير الأطر التنظيمية للخدمات المالية الرقمية ووضع قوانين بشأن إصدار النقود الإلكترونية في معظم البلدان الآن فإن التقدم كان محدودا في وضع قواعد تنظيمية أخرى للتكنولوجيا المالية. فعلى سبيل المثال لا توجد قواعد تنظيمية للنقود الإلكترونية المحمولة إلا في عدد قليل من البلدان (مصر والمغرب وتونس)،  ولا توجد في كثير من البلدان أيضا أطر لحماية المستهلك في مجال الخدمات المالية ولا قوانين لخصوصية البيانات، ولم تتم تهيئة القواعد التنظيمية الاحترازية بما يتلائم مع خصائص التكنولوجيا المالية، كما يشكل رأس المال التنظيمي الكبير في البنوك عقبة كبيرة أمام دخول شركات التكنولوجيا المالية المبتدئة إلى الأسواق.
· ارتفاع معدلات تغلغل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، ولكن جودة خدمة الإنترنت والهواتف المحمولة وأسعارها لا تزال من معوقات اعتماد التكنولوجيا المالية ، فقد وصلت خدمة الإنترنت إلى جميع البلدان، لكن معدل تغلغلها لا يزال منخفضا في عدة بلدان، وخدمة الإنترنت عالية السرعة محدودة ومكلفة.  والبلدان التي حققت أعلى مستويات التقدم هي دول مجلس التعاون الخليجي  ولبنان حيث ارتفعت فيها معدلات تغلغل خدمة الإنترنت والهواتف المحمولة على حد سواء ، وفي بعض البلدان الأخرى (السودان واليمن) تنخفض معدلات تغلغل كل من خدمة الإنترنت والهواتف المحمولة ما من شأنه عدم إمكانية التواصل فيما بين نظم الدفع الإلكتروني بالأجهزة المحمولة ما يتسبب في تجزئة الأسواق كما أن تكاليف استخدام الأجهزة المحمولة باهظة الثمن في بعض البلدان .
· الدعم المؤسسي الأوسع لا يزال محدودا حيث قام عدد قليل للغاية من البلدان بإنشاء حاضنات ومعجلات ( مصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة) للمساعدة على زيادة الشركات المبتدئة أو إنشاء مختبرات تنظيمية (أبو ظبي والبحرين والمملكة العربية السعودية) تسمح لشركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية التقليدية باختبار الابتكارات في البيئة الفعلية.
خــــــاتـــــمة :
وعليه ومما سبق ذكره يتضح لنا بأن التكنولوجيا المالية أو مايعرف بالفينتك هي ثورة  مالية إجتاحت الساحة الاقتصادية والتي كانت كضرورة  لتسهيل المعاملات للوصول إلى أكبر شريحة من المتعاملين مع البنوك نظرا لعدة اعتبارات ، ففي ظل التقدم السريع لوسائل الإتصال وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الإصطناعي كان لابد من مسايرة هذا الزخم الحديث من خلال التكنولوجيا المالية والتي أضفت هيكلة جديدة للتمويل المالي من خلال الشركات الناشئة التي تنشط في سياقه ، حيث تتطلب بيئة مخصصة و نوعية من التطور في الجانب التكنولوجي من جهة ومن جانب القوانين التي تنظم العمل بمختلف قطاعاتها وتوفير طابع الأمان من جهة أخرى  .
الهوامش والمراجع المعتمدة

[(1)] ماهي التكنولوجيا المالية، المشروع العراقي للترجمة، تاريخ الاطلاع:  12/01/2018 ، على الخط :
http://www.iqtp.org/?s=%D9%85%D8%A7+%D9%87%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9%D8%9F
[(2)] محمد محمود، دور التكنولوجيا المالية في تطوير أداء البنوك الإسلامية، إسلام أن لاين، تاريخ الإطلاع 10/02/ 2018، على الخط :
https://islamonline.net/1847
[(3)] كتابات، “الفينتك” تكنولوجيا مالية وصلت الدول العربية .العراق تخلو منها والإمارات ومصر على رأس مستخدميها، تاريخ النشر25 أكتوبر 2017، على الخط :
https://kitabat.com/news/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%86% %AA%D9%83%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84
[(4)] التكنولوجيا المالية "fintech ، ثورة في الاقتصاد العالمي، تاريخ الإطلاع 10/02/ 2018.
[(5)] وهيبة عبد الرحيم وآخرون، شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، Refaad، ص36.
[(6)] تقرير بيرفورت 2016 ، التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، تاريخ الاطلاع  6/12/2017 ، على الخط: https:// www.wamda.com
[(7)] الموقع الالكتروني STATISTICA .COM ، تاريخ الاطلاع 05/02/2018.
[(8)] نفس المرجع أعلاه .
[(9)] تقرير بيرفورت ، مرجع سبق ذكره .
[(10)] الموقع الالكتروني STATISTICA .COM، مرجع سبق ذكره .
[(11)] آفاق الاقتصاد الإقليمي ، إدارة الشرق الأوسط و أسيا الوسطى ، التكنولوجيا المالية "إطلاق إمكانات منطقتي الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و أفغانستان و باكستان و القوقاز و أسيا الوسطى" ، أكتوبر 2017 .
[(12)] تقرير بيرفورت ، مرجع سبق ذكره ، ص 45 .
[(13)] نفس المرجع السابق ، ص48 .
[(14)] Clifford chance ,fintech in the middle eas anoverview,octobre 2017 ,p 3.
[(15)] Rakesh Sharma ,What Was Behind Bitcoin’s Insane Price Moves On Dec. 7?, December 8, 2017 — 4:45 AM EST, On-line: https://www.investopedia.com/news/what-was-behind-bitcoins-insane-price-moves-dec-7/
[(16)] التكنولوجيا المالية إطلاق إمكانات منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان والقوقاز وآسيا الوسطى، آفاق الإقتصاد الإقليمي، ص 5.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون