الجمعة، 29 مايو 2020

الإدارة الإلكترونية بين الحتمية وتحديات المنافسة العالمية

الدكتورة فاطيمة عاشور

مديرية مخبر بحث المؤسسات الدستورية والنظم السياسية

المركز الجامعي مرسلي عبد الله تيبازة – الجزائر

 

 

ملخص:

إن ما توصل إليه التطور الحاصل في تكنولوجيات المعلومات والاتصال يعتبر ثورة حقيقية مست كل المجالات الحيوية، فأصبحنا أمام ضرورة تحول الخدمات الإدارية التقليدية إلى أعمال وخدمات إلكترونية.

وقد جاءت هذه الضرورة لما تحققه الإدارة الإلكترونية من تبسيط للإجراءات الإدارية وتسهيل وتسريع عملية صنع القرار، وتمكين الإدارة من التخطيط بكفاءة وفعالية، وتقديم جودة للخدمات تمكنها من مواجهة تحديات المنافسة العالمية، وزيادة قدرة المؤسسات على التنافس مع غيرها وتحسين مستواها.

وفي هذه المداخلة سنحاول الوقوف على حتمية التحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية ومدى فعالية هذه الأخيرة في مواجهة المنافسة العالمية.

الكلمات المفتاحية :

الإدارة الالكترونية، المنافسة العالمية، عالم الإدارة، الخدمات الالكترونية، الإدارة الحديثة ....

Abstract:

The development of information and communication technologies is a real revolution in all vital areas، and we have to turn traditional administrative services into electronic business and services.

The need for electronic management has streamlined administrative procedures، facilitated and accelerated decision-making، enabled the Department to plan efficiently and effectively، provided quality services to meet the challenges of global competition، and increased the ability of enterprises to compete and improve.

In this intervention we will try to identify the inevitability of the shift from traditional management to electronic management and its effectiveness in the face of global competition.


مقدمة:

إن ما يشهده العالم من نمو وتطور سريع في المعطيات المعرفية، وانتشار لشبكة الإنترنيت وإدخال تكنولوجيات المعلومات والحاسب الآلي، يعتبر ثورة حقيقية في عالم الإدارة.

هذه الثورة الحقيقية وضعتنا أمام حتمية مفادها تحويل الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية إلى أعمال وخدمات إلكترونية، وبالتالي ظهور ما يسمى بالإدارة الإلكترونية، التي تعمل على الارتقاء بالإدارة وتحقيق الإستخدام الأمثل للخدمات.

إن الإدارة الإلكترونية هي الانتقال من إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات العامة من الطريقة التقليدية اليدوية إلى الشكل الإلكتروني الذي يساهم في الاستخدام الأمثل للوقت والمال والجهد.

وهي كذلك، إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات العامة عبر شبكة الإنترنيت ومن دون أن يضطر العملاء للانتقال إلى الإدارات شخصيا لإتمام إنجاز معاملاتهم، مع ما يتوافق من إهدار للوقت والطاقات والجهد.

فالإدارة الإلكترونية تقوم على مفهوم جديد ومتطور يتعدى المفهوم التقليدي ، متمثلا في  "إتصل ولا تتنقل".

كما تعتبر إستراتيجية إدارية لعصرنة المعلومات، تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين والمؤسسات، مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة من خلال توظيف الموارد المادية والمعنوية في إطار إلكتروني حديث([1]).

وقد أصبح التحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية حتمية وضرورة ملحة لمواجهة تحديات المنافسة العالمية، لما توفره الإدارة الإلكترونية من مزايا.

أهمية البحث :

يعد البحث في موضوع الإدارة الالكترونية من المواضيع الحديثة التي يجب أن تأخذ حقها من الدراسة ،فالموضوع أصبح بفرض نفسه بعد دخول التكنولوجيات الحديثة جميع الميادين و التطور المتسارع الذي عرفته الحياة العامة بعد أن ربط العالم بشبكة الانترنت ، فأصبحت الحياة الالكترونية حتمية وليست اختيار ، لهذا كان من الضروري أن تساير جميع الخدمات هذا التطور خاصة الإدارية و التي تعد قوام المعاملات .فالإدارة الالكترونية فرضت نفسها على جميع الدول دون استثناء كما تعد حتمية للبقاء أمام التنافس الحاصل في العالم لمن يقدم الخدمة بشروط أفضل و أسرع .

فالإدارة الالكترونية هي امتداد للتطور التكنولوجي في الإدارة بدأ من إحلال الآلة محل العامل في التخطيط و الرقابة بمساعة الحاسوب ، إلى أن أصبحت الانترنت شبكات للأعمال ذات أبعاد  تكنولوجية و تعد الإدارة الإلكترونية إحدى مفاهيم الثورة الرقمية التي تقودنا إلى عصر المعرفة .

أهداف الدراسة :

يهدف البحث في موضوع الإدارة الالكترونية إلي إبراز مدى ضرورة الانتقال من الإدارة التقليدية إلي الإدارة الإلكترونية لمواكبة المتغيرات العالمية الحاصلة ، والبحث في الوسائل و الآليات التي نلجأ إليها  لتحول السليم و الناجح من الإدارة التقليدية إلى الالكترونية و الأثار  الايجابية التي يحققها هذا التغير في نمط الإدارة ، وكذا إبراز ما تحققه الإدارة الالكترونية من مزايا .

إشكالية البحث :

سنتناول من خلال هذه الورقة البحثية الإجابة على الإشكالية التالية:

ما مدى إلزامية اعتماد الإدارة الإلكترونية ، والضرورة التي تفرض ذلك لمواجهة العولمة ، و ما هي السبل و الأليات المعتمد عليها  لتحقيق إدارة إلكترونية ؟وما المزايا التي تحققها الإدارة الالكترونية ؟.

وذلك من خلال اعتماد خطة العمل التالية:

مقدمة :

المبحث الأول: حتمية التحولمن إدارة تقليدية إلى إدارة إلكترونية لاعتبارات نجاحها

المطلب الأول: الإنتقال السليم من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية

المطلب الثاني: متطلبات الانتقال إلى الإدارة الإلكترونية

المبحث الثاني: فعالية الإدارة الإلكترونية في مواجهة تحديات العولمة

المطلب الأول: دواعي تبني الإدارة الإلكترونية

المطلب الثاني: نتائج التحول من إدارة تقليدية إلى إدارة إلكترونية

خاتمة


المبحث الأول

حتمية التحول من إدارة تقليدية إلى إدارة إلكترونية لاعتبارات نجاحها

إن الانتقال من الإدارة التقليدية إلى الإلكترونية ليس خيارا وإنما أضحى حتمية تفرضها المتغيرات العالمية، ففكرة التعامل والمشاركة وتوظيف المعلومات أصبحت أحد محددات نجاح الإدارة.

لقد فرض التقدم العلمي الحاصل في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال الحديثة، مطالبة مستمرة برفع جودة الخدمات وضمان سلامة العمليات والتقليص في النفقات والسرعة في اتخاذ القرار، هذه الأمور كلها وغيرها وضعتنا أمام حتمية مفادها تطوير الإدارة ومواكبتها للتغيرات العلمية الحاصلة.

وسنتناول من خلال هذا المبحث سبل الانتقال من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية بشكل سليم في المطلب الأول، ومتطلبات الانتقال إلى الإدارة الإلكترونية في المطلب الثاني.

المطلب الأول

الانتقال السليم من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية

يعتبر مصطلح الإدارة الالكترونية من المصطلحات الإدارية الحديثة التي ظهرت نتيجة للثورة الهائلة في شبكات المعلومات و الاتصالات مما أحدث تحولا هاما في أداء المنظمات بتحسين إنتاجها  وسرعة أدائها  و جودة خدماتها و يمكن تعريف الإدارة الإلكترونية هي بكل بساطة الانتقال من إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات العامة من الطريقة التقليدية اليدوية إلى الشكل الإلكتروني من أجل استخدام أمثل للوقت والمال والجهد [2]

وبمعنى آخر "فالإدارة الإلكترونية" هي إنجاز المعاملات الإدارية وتقديم الخدمات العامة عبر شبكة الانترنت أو الانترانت بدون أن يضطر العملاء من الانتقال إلى الإدارات شخصيا لإنجاز معاملاتهم مع ما يترافق من إهدار للوقت والجهد والطاقات.

فالإدارة الإلكترونية تقوم على مفهوم جديد ومتطور يتعدّى المفهوم الحديث "اتّصل ولا تنتقل" وينقله خطوة إلى الأمام بحيث يصبح "ادخل على الخط ولا تدخل في الخط"[3]

وتعريف للإدارة الإلكترونية إنّها  " استراتيجية إدارية لعصر المعلومات، تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين والمؤسسات ولزبائنها (الإدارة الخاصة منهم) مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة من خلال توظيف الموارد المادية والبشرية والمعنوية المتاحة في إطار إلكتروني حديث من اجل استغلال أمثل للوقت والمال والجهد وتحقيقا للمطالب المستهدفة وبالجودة المطلوبة مع دعم لمفهوم (ادخل على الخط ولا تدخل في الخط)".[4]

ومن خلال ما ورد في التعاريف أعلاه لمفهوم الإدارة الالكترونية نستخلص بان الإدارة الالكترونية هي الإدارة الشاملة التي توظف جميع الطاقات المتاحـة مـن مـوارد بشريـة وماديـة وتقنيات وبرمجيات حديثة من اجل تحقيق الأهداف المرسومة لها [5]وتقديـم خدماتها لزبائنها بفعاليـة أكـثر وجهود وتكلفة اقل بما يعزز روح المنافسة لديها مقارنـة بالمؤسسات المماثلـة ويجعـل كفـة المنافسة راجحة لها وتحقق رضا الجمهـور المتعامل لها ممـا يمـدها بأسباب التطـور والنمـو المتسارع الذي يشهده العالم من حولنا.

ومن أهم التجارب العربية الناجحة في مجال تطبيق الإدارة الإلكترونية هي حكومة دبي الإلكترونية فقد خطت خطوات عملاقة  في هذا المجال، وعدد كبير من المعاملات الآن يمكن القيام بها دون أن تغادر كرسي مكتبك. إذ تستطيع أن تدفع الرسوم وكل ما تحتاج إليه المعاملة من استمارات وطوابع وغيرها بسهولة عن طريق الانترنت فالنسبة العالية لمستخدمي الانترنت في هذه الإمارة وكذلك صغر حجمها وكونها مركز تجاري عالمي وتفعيل الدرهم الإلكتروني كل هذا ساهم في تسريع عملية التحوّل إلى الإدارة  الإلكترونية.

و عليه تحاول الكثير من الدول استخدام نتائج الثورة التكنولوجية في تحسين مستويات أداء الأجهزة الحكومية و رفع كفاءتها وفعاليتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها ونشر المعلومات و تطبيق مبادلات الادارة الالكترونية و هذا يعد خطوة أولى لبلوغ المعرفة [6] .

إن الإدارة التقليدية بمفهومها القائم على الهرمية والتقييم القائم على التخطيط والأوامر ذات الشكل التسلسلي من الأعلى إلى الأسفل، لم تعد لازمة وضرورية.

كما أنه لم يعد هناك ضرورة لوجود مدير وعاملين يشرف عليهم فقد أصبح الشخص يعتمد على إدارة الذات وليس إدارة الغير كما أنه أصبح لا يوجد حاجة للرجوع إلى المدير للحصول على التعليمات والمعلومات، بل يعتمد على قاعدة البيانات، فالإدارة الإلكترونية قد أزالت الفجوة بين الإداريين، وألغت التقسيم التقليدي المتمثل في الإدارة والعاملين والمستشارين وأصبح الشخص هو العامل والمدير والاستشاري في نفس الوقت.

وبالتالي نتج عن ذلك إعادة بناء الأدوار بما يحول الإدارة من صناعة القرار إلى إدارة إستشارية عن طريق فكرة توظيف المعلومات في الإدارة، حيث بدأ هذا التوظيف متمثلا في شكل تقارير تعبر عما يحدث في المؤسسة، ثم تطور الأمر إلى تحليل التقارير بمعرفة الأسباب وراء حدوث المتغيرات ثم انتقلت التقنيات لعملية توظيف المعلومات إلى مرحلة تنبؤ لما سيحدث.

وتطورت إلى مرحلة الرؤية المجمعة للمعلومات والتأثيرات المختلفة للقرارات.

ثم انتقلت إلى المرحلة الأكثر تقدما وهي توظيف المعلومات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة.

المطلب الثاني

متطلبات الانتقال إلى الإدارة الإلكترونية

إن الحصول على إدارة إلكترونية مثله مثل أي مشروع أو برنامج يتطلب منا تهيئة الظروف والبيئة المناسبة والتمكين المادي والبشري والقانوني.

- فنحتاج أولا إلى وجود تكنولوجيا معلومات نستطيع التطور فيها بمعنى توفير المصدر المادي (من أجهزة ومعدات مهيأة لهذا الغرض واستخدام أحدث التكنولوجيات والاستغناء عن الأوراق والدفاتر التقليدية  وتعويضها بأجهزة الحاسوب والفاكس والهاتف والإنترنيت، ... إلخ ).

وهذا ما نسميه بالتمكين المادي الذي لا غنى عنه لإحداث التغيير في الإدارة من التقليدية إلى الإلكترونية.

- توفير اليد العاملة المدربة على التعامل مع الأدوات والوسائل التكنولوجيا الحديثة، بتكوين مهندسين مختصين يمكن لهم أن يخلقوا البنية المعلوماتية وتسييرها آليا وكذا التطور فيها وهذا يحتاج إلى وجود كفاءات تتلقى تدريبا وتكوينا مستمرا، يتماشى ويتطور وفق كل المتطلبات والمعطيات العالمية الجديدة.

وفي نفس الوقت توعية الأفراد وتكوينهم بحيث يستطيعون التعامل مع الوسط الإلكتروني عن طريق إدراجه في النظام التعليمي.

وهذا ما نسميه بالتمكين البشري.

- وضع إستراتيجية وخطط لتأسيس الإدارة الإلكترونية عن طريق تطوير التنظيم الإداري والخدمات والمعاملات الحكومية وفق تحول تدريجي([7]). وتنشأ الإدارة الإلكترونية من خلال عدة مراحل، تبدأ بتوفير المعلومات على الموقع، ثم تسيير الاتصالات المتبادلة بين الجهات ثم الاتصال المباشر بالعملاء، ثم تطبيق النظم المتكاملة للخدمة والتبادل([8]).

  • إيجاد منظومة قانونية محكمة للمعاملات الإلكترونية، تضمن عدم التزوير والقرصنة، ... إلخ.
  • تطوير التشريعات واللوائح الموجودة بغرض توفيقها مع مقتضيات التعامل الإلكتروني خالية من جميع أشكال التعقيد.
  • تسهيل عمل الإدارة الإلكترونية وإضفاء المشروعية والمصداقية وكافة النتائج المترتبة عليها.

وهذا ما نسميه بالتمكين القانوني.

  • توفير الأمن الإلكتروني والسرية الإلكترونية على مستوى عالٍ، كحماية المعلومات الوطنية والشخصية، وصون الأرشيف الإلكتروني من أي عبث، والتركيز على هذه النقطة لما لها من أهمية وخطورة على الأمن القومي والشخصي للدولة والفرد.
  • وضع خطة تسويقية دعائية شاملة للترويج لاستخدام الإدارة الإلكترونية وإبراز محاسنها وضرورة مشاركة جميع المواطنين فيها والتفاعل معها، ويشارك في هذه الحملة جميع وسائل الإعلام وتحسيس المواطن بضرورة اللجوء إلى الإدارة الإلكترونية بإظهار مزاياها.

المبحث الثاني

فعالية الإدارة الإلكترونية في مواجهة تحديات العولمة

يرى البعض أن الإدارة الإلكترونية هي المظلة الكبيرة التي يتفرع عنها تطبيقات مختلفة، مثل التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية وكذا التعليم الإلكتروني، ... إلخ([9]).

فبهذا المفهوم أصبحت الإدارة الإلكترونية في عصر العولمة وسيلة بقاء واستمرارية، وأداة لا يمكن الاستغناء عنها في ظل عالم مفتوح يعتمد على القدرة التنافسية كمعيار للتقدم والازدهار.

وسنحاول من خلال هذا المبحث أن نفصل في دواعي تبني الإدارة الإلكترونية من هذا المفهوم في المطلب الأول والنتائج المترتبة على هذا التحول في المطلب الثاني.  

المطلب الأول

دواعي تبني الإدارة الإلكترونية

أمام التطور الهائل الذي عرفه العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات أصبحت الإدارة الإلكترونية ضرورة لتحديد بقاء المنظمات فهي اختيار لا يخضع للرفض [10].

وقد فرض التطور التكنولوجي الكثير من التحديات على مختلف المؤسسات والمنظمات، فأصبح من الضروري التخلص من كافة الأساليب التقليدية، والاعتماد على الطرق الحديثة في الإدارة، فالاستخدام المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصال تحولت لتكون الوسيط الأساسي في العمل، فقد ألغت العلاقة المباشرة بين طرفي المعاملة، وتحولت إلى علاقة إلكترونية وتم الاستغناء عن المعاملات الورقية وإحلالها بالمكتب الإلكتروني وتحولت الخدمات العامة من إجراءات إلى معاملات إلكترونية يتم معالجتها إلكترونيا.

فأصبح تحدي كل دولة هو هاجس إيجاد إدارة بلا أوراق، وبلا مكان ولا زمان، بلا تنظيم جامد، لتستطيع البقاء وتقاوم موجة التقدم العالمية.

وقد كان الدافع لتبني الإدارة الإلكترونية جملة من الأسباب.

- تسارع التقدم التكنولوجي: أدت الثورة التكنولوجية إلى إظهار مزايا نسبية عديدة لتطبيقاتها العملية في مختلف مجالات الحياة الإنسانية، بما في ذلك نوعية الخدمات والسلع التي توفرها المؤسسات العامة والخاصة للمجتمع وعلى حد سواء.

- ترابط المجتمعات الإنسانية في ظل توجهات العولمة: ساهمت التوجيهات العالمية المتزايدة نحو الانفتاح والترابط والتكامل بين المجتمعات الإنسانية المختلفة في نشوء ما يعرف اليوم بظاهرة العولمة فلسفة جديدة للعلاقات الكونية لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية وقانونية وبيئية متكاملة.

- الإستجابة لمتطلبات البيئة المحيطة والتكيف معها: إن انتشار وتطبيق مفهوم وأساليب الإدارة الإلكترونية في كثير من المنظمات والمجتمعات يحتم على كل دولة اللحاق بركب التطور تجنبا لاحتمالات العزلة والتخلف عن مواكبة عصر السرعة والمعلومات والتنافس في تقديم الخدمات والسلع بناء على المعايير والسهولة والفعالية والكفاءة والنوعية الملائمة.

- التحولات الديمقراطية: وما رافقتها من متغيرات وتوقعات اجتماعية، ساهمت حركات التحرر العالمية التي تطالب بمزيد من الانفتاح والحرية والمشاركة واحترام حقوق الإنسان في إحداث تغييرات في البناء المجتمعي عموما وطبيعة الأنظمة السياسية والإدارية والقضائية.

المطلب الثاني

نتائج التحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية

لقد كان الغرض من تبني الإدارة الإلكترونية تحقيق طموح يتجسد في بناء إدارة عصرية منحصرة على مهامها الرئيسية وموحدة الجهود، دائمة الإصغاء لمحيطها، متوفرة على الوسائل الملبية لحاجياتها الحقيقية، مهتمة بتقديم خدمة عمومية ذات جودة عالية بأقل تكلفة.

حيث تطمح كل دولة وراء تبني الإدارة الإلكترونية إلى تحقيق جملة من النتائج تمكنها من الاستمرار والبقاء، ويمكن أن نلخصها في ما يلي [11]

- تدعيم أسس الشفافية: بالرفع من كفاءة عمل الإدارة وهذا ما جعل الإدارة تخطو خطى كبيرة نحو تجسيد حياة إدارية أفضل من تلك التي كانت من قبل، المرتكزة على كثرة الأوراق والإجراءات.

إن ما تشهده الإدارة من تطور إلكتروني، يحمل بشائرا يكون لها تأثير على مفهوم المرفق العام وطبيعة الخدمة التي يقدمها للجمهور، فتحول كافة الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية من طول الإجراءات واستخدام الأوراق إلى أعمال وخدمات إلكترونية، تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية وهذا يهدف إلى تزويد المواطن بإدارة فعالة وسريعة، وخدمات ذات مستوى عال، وتمكنه من الحصول على طلباته الإدارية بصفة شفافة ومنتظمة، وذلك لما تتوفر علية المعلومات من إمكانية تدبير جيد للوقت الإداري الشيء الذي ينعكس لا محالة على الأداء والمردودية وبالتالي تحسين علاقة الإدارة بالجمهور.

- الرفع من كفاءة عمل الإدارة: تعتبر التنمية والتقدم هاجس كل دولة وهذا لا يتحقق إلا بوجود إدارة متقدمة وفعالة كفؤة ومحترفة، تستطيع التسيير وفق المتطلبات العالمية.

فالإدارة التي لا تملك مؤهلات التكنولوجيا، الإدارة التقليدية التي لا تزال تعتمد على الوسائل اليدوية لا يمكنها أن تنافس وتدخل العالمية، ذلك أنها لا تستطيع معالجة القضايا بالوسائل اليدوية وبهذا بدأت معظم الإدارات باستخدام برامج للمعلومات في تنظيم أعمالها.

تمكنها التركيز السريع للمعلومات، يمكن الإدارة من اختزال الوقت والمال في نفس الوقت وتقديم معلومات جاهزة في جميع الميادين.

- الرفع من مستوى التواصل:

سهولة الرقابة والتوجيه، التنسيق بين مكونات الإدارة، إختصار الإجراءات، وربح الوقت.

بواسطة الإنترنيت أصبح من الممكن عقد اجتماعات العمل بين أشخاص يقيمون في مناطق جغرافية متباعدة، بحيث يتنافسون ويتدارسون الأفكار بصورة آنية من خلال تقنيات الاتصال الحديثة كأنهم موجودون معا في غرفة واحدة.

- سهولة الرقابة :

تعتبر الرقابة إحدى أهم الوظائف الإدارية، بغية التحقق من أن العمل المخطط يسير وفق الأهداف المرسومة سلفا وفي الوقت المحدد وهي بذلك ضرورة لا غنى عنها لاستكمال الأعمال، فالرقابة يمكن إدخالها إلى الحاسوب إما عن طريق الأجهزة ذاتها أ وعن طريق البرامج، بحيث يصبح الحاسوب يراقب ذاته بنفسه، مراقبة نوع المعلومات المدخلة، نوع البرمجة، نوع المخرجات وهكذا يتمكن الحاسوب من مراقبة ذاتية تسمح له بمراقبة كل العمليات التي تتم، كما أن الرقابة يمكن أن تنصب على ملائمة القرارات المتخذة وفعالية ومردودية العمل المنجز.

خاتمة:

فرض التطور التكنولوجي الكثير من التحديات على مختلف المؤسسات والمنظمات وأصبح من الضروري التخلص من كافة الوسائل التقليدية والاعتماد على الأساليب وطرق التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات.

فأصبحت الإدارة الإلكترونية وسيلة بقاء واستمرارية ومعيار من معايير التقدم والازدهار في عالم مفتوح يعتمد على القدرة التنافسية.

وأصبحت الإدارة الإلكترونية المتكاملة مشروع كل دولة لما لها من مزايا وفوائد   و مردودية حسنة.

وقد غدت تكنولوجيات المعلومات وسيلة حياة، وليست مجرد أدوات رفاهية في ظل التوجه العالمي نحو نمو اقتصادي، وأصبحت تحقق الإدارة الإلكترونية هاجس كل دولة تصبو إلى العالمية وتحقيق الذات وفرض وجودها ضمن العالمية .

فالإدارة الإلكترونية تمثل أسلوب جديد لتجسيد إدارة عصرية و شفافة  محررة من كافة الإكراهات و التعقيدات البيروقراطية و الممارسات التي تؤدي إلى هدر المال و الوقت .

إلا انه لتطبيق الإدارة الالكترونية يتطلب الأمر توافر العديد من الإمكانيات بهدف تقديم خدمة متميزة و أداء مناسب  وأولها  وجود سياسة لدى الهايئات الحاكمة بإحداث التغير ، إلى جانب توفر المال و الكفاءات

كما تحتاج إلي تهيئة البيئة المناسبة و التفاعل مع جل العناصر السياسية و الاقتصادية و التكنولوجية كما أن مشروع الإدارة الإلكترونية يحتاج وجود التشريعات و النصوص القانونية التي تسهل عمل الإدارة الالكترونية و توفير السرية والأمن الالكتروني .

لذا يجب وضع رؤية إستراتيجية شاملة بمشاركة الدولة وجميع الفاعلين بما يضمن الانتقال الايجابي من الإدارة التقليدية إلي الإدارة الالكترونية .

وعليه نوصي بما يلي :

  • إعداد خطط و إستراتيجية في كل دولة تصبوا إلى الرقي بإدارتها مما يؤهلها مواكبة  العصرنة الإدارية الحاصلة في العالم  ، وجعل من التخطيط للإدارة أولوية .
  • إعادة تصميم الوظائف  مما يحقق مفهوم الجديد للإدارة الحديثة .
  • ضرورة تطوير التشريعات والقوانين الحمائية بما يتناسب والتطبيقات الالكترونية
  • نشر ثقافة الإدارة الالكترونية من خلال المناهج التعليمة ، ووسائل الإعلام مما ينمي و يساعد على تقبل المجتمع للإدارة الالكترونية .
  • توفير الإمكانيات المادية بتخصيص ميزانية مالية لتطبيق الإدارة الالكترونية .
  • تأهيل و تدريب الكوادر البشرية لتصبح قادرة لتسير الإدارة الالكترونية

[1]- محمد إبراهيم العراقي " الوطن العربي  وتحديات القرن الحادي  والعشرين " المؤتمر الدولي لمركز البحوث  والدراسات التنمية التكنولوجية الرياض 2000 ص 34.

[2]- سليمان رحال موقع الحكومة الالكترونية في الحكم الراشد الملتقى الدولي حول الحكم الراشد و استراتيجيات التغير في العالم النامي كلية الأدب و العلوم الإجتماعية جامعة فرحات عباس سطيف أفريل 2007

[3]- ممد سمير أحمد الادارة الالكترونية دار الميسرة للنشر و التوزيع و الطباعة الأردن 2009 صفحة 46 .

[5]- خليفة زهير ناجي استخدام الحاسوب و ملحقاته في الحكومة الالكترونية ، مؤتمر العملية التعليمية في عصر الانترنت فلسطين جامعة النجاح  الوطنية  سنة 2001 9-10

[6]- Ruth rikouski: studjing knouledge management at masters ledel with particular reference to south bank        http/www.managinginformation.                             

[7]- الفنتوخ عبد القادر عبد العزيز السلطان الإنترنيت في العالم مشروع المدرسة الإلكترونية – مجلة رسالة الخليج العربي المجلد  21 س 1995 ص 52.

[8]- أشرف صالح – الطريق السريعة للمعلومات  ووسائل الإتصال  والإعلام في الوطن العربي، تونس المنظمة العربية للتربيـة والثقافة  والعلوم 1999 ص 128.

[9]- كلثوم محمد الكيسمي– متطلبات تطبيق الإدارة الإلكترونية في مركز نظم المعلومات التابع للحكومة الإلكترونية في دولة قطر ماجيستير في إدارة الأعمال الجامعة الإفتراضية الدولية قصر 2008 ص 09.

[10]- الموسى عبد الله بن عبد العزيز محاضرة بعنوان استخدام خدمات الالتصال بفعالية في العمل جامعة محمد بن سعود سنة 2000

[11]- كلثوم محمد الكيس متطلبات تطبيق الادارة الالكترونية في  مركز نظم المعلومات التابع للحكومة الالكترونية في دولة قطر ريالة ماجستير في إدارة الأعمال  الجامعة الافتراضية الدولية سنة 2008 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون