الجمعة، 29 مايو 2020

دور تكنولوجيات المعلومات والاتصالات

 في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

 

أ. سيف الدين عتروس د. هشام بوريش   

جامعة باجي مختار عنابة  الجزائر

 

ملخص:

أصبحت تكنولوجيات المعلومات والاتصالات عاملا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه في التنمية الاقتصادية. وقد تطلب النهوض بالاقتصاديات استغلال الموارد الطبيعية استغلالا مفرطا، الأمر الذي أدى إلى تدهور البيئة، كما أن الموارد التي تكون مصدر ضرر للبيئة قد تحول في بعض الأحيان دون نجاح النموذج التنموي نفسه.

ويهدف هذا العمل إلى تسليط الضوء على الدور المنوط باستعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال التركيز على مدى مساهمة هذه التكنولوجيات في المحافظة على حق الأجيال المستقبلية في الاستفادة من الموارد الطبيعية الحالية، وكذا الآثار الإيجابية المترتبة عن استعمالها في شتى المجالات.

الكلمات المفتاحية: التكنولوجيا، تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، التنمية، التنمية المستدامة

The role of information and communication

 technologies in achieving the goals of sustainable development

 

Seif  Eddine Atrous        Dr. Hichem Bourihe

Faculty of Economic Sciences and Management Sciences

Badji Mokhtar annaba University Algeria

 

Abstract :

Information and communication technologies have become an important and unavoidable factor for economic development. The development of economies has necessitated over-exploitation of natural resources, which has led to the degradation of the environment. Resources that are harmful to the environment can also hinder the development model itself.

The purpose of this work is to highlight the role of information and communication technologies in achieving the goals of sustainable development, focusing on the contribution of these technologies to preserving the right of future generations to benefit from the current natural resources, and also the positive effects of its use in various fields.

Keywords : Technology, information and communication technologies, Development, Sustainable development

تمهيد:

من بين التحديات التي تؤرق العالم في الوقت الراهن، الاستغلال العشوائي للموارد الطبيعية وما ينجر عنه من آثار اقتصادية واجتماعية وبيئية. فبالرغم من إشارات الإنذار التي أطلقها المختصون ومختلف الجمعيات والمنظمات الحكومية وغيرها، إلا أن عمليات استنزاف الموارد الطبيعية لا تزال متواصلة، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى نقص الوعي الاستهلاكي وغياب التفكير الاقتصادي العقلاني الذي يضمن تلبية الاحتياجات الحاضرة مع الحفاظ على معدل تجدد الثروات لضمان الاستفادة منها بشكل مستدام. وقد دق ناقوس الخطر في العديد من المناسبات التي أشرفت منظمة الأمم المتحدة على معظمها، وكان المطلب الأساسي والمشترك هو وقف استنزاف الموارد الطبيعية والحث على ضرورة إيجاد بدائل تنموية كفيلة بتحقيق الرفاهية الإقتصادية والاجتماعية. إلا أن درجة الاستجابة لتلك المطالب لم ترق إلى الحد المطلوب، حيث بادر عدد قليل من الدول إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحد من المخاطر البيئية، وتمثلت تلك الإجراءات في استخدام التقنيات الحديثة، وسن القوانين المتعلقة بحماية الموارد الطبيعية.

مشكلة البحث:

كان لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الدور الفعال في تعويض الوسائل التقليدية التي خلفت أضرارا بيئية في جميع مراحل إنتاجها، استخدامها، وحتى في طرق التخلص منها. كما أن ظهورها أدى إلى بروز توجه اقتصادي مبني على المعرفة والتطور أطلق عليه اقتصاد المعرفة. وسيحاول الباحث على ضوء ما سبق الإجابة على السؤال الرئيس لهذا البحث وهو: ما هو دور تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في المكانة التي تحظى بها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في المجال الإقتصادي، فقد عرفت التوجهات الاقتصادية الحديثة منذ ظهور هذه التكنولوجيات تحولا جذريا تجلى في إحلال رأس المال الفكري مكان رأس المال المادي، الأمر الذي جعل تكاليف المشاريع فضلا عن كميات الموارد الطبيعية المستخدمة في مختلف الصناعات أقل ما يمكن.

فرضيات البحث: تتمثل فرضيات البحث في ما يلي:

1- تساهم تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في تقليل الآثار السلبية على البيئة.

2- يساهم استخدام التكنولوجيا بشكل عقلاني في تقليل آثارها السلبية على البيئة.

3- يساعد استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أهداف البحث:

يسعى هذا البحث إلى تحقيق الأهداف التالية:

- توضيح طبيعة العلاقة التي تربط استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات بالموارد الطبيعية والتنمية المستدامة.

- تسليط الضوء على الأهداف الرئيسة للتنمية المستدامة.

- التركيز على أهم التكنولوجيات التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

المنهج المتبع:

للوصول إلى تحقيق أهداف البحث تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لأهم ما جاء في كتب والمراجع المتعلقة بالبحث.

1. مدخل إلى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات:

1.1. تعريف التكنولوجيا:

ظهر مصطلح التكنولوجيا "technologie" في القرن الثامن عشر( سنة 1770) بألمانيا، وهو إسم مركب من جزأين: "techno" وتعني في اللغة اليونانية "الفن"، و " logie " وتعني "العلم ".[1]

"ويشير مفهوم التكنولوجيا إلى المعلومات أو الأساليب والعمليات التي يتم من خلالها تحويل المدخلات في أي نظام إلى مخرجات، كما يشير هذا المفهوم إلى المعرفة الفنية كجزء أساسي من التكنولوجيا".[2]

2.1. تعريف تكنولوجيات المعلومات والاتصالات:

الجدول التالي يلخص أهم التعريفات التي تناولت مصطلح تكنولوجيات المعلومات والاتصالات

الجدول رقم(01): مفاهيم تكنولوجيات المعلومات والاتصالات

البيان

تعريف تكنولوجيات المعلومات والاتصالات

المجموعة 1:

المفاهيم التي ترتكز على الأجهزة التي تشملها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات

- بناءا على ما ورد في التقرير الاقتصادي الدولي الذي يصدره صندوق النقد الدولي، فإن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تتضمن الحاسبات الآلية والبرامج الجاهزة ومعدات الاتصال عن بعد.

المجموعة 2:

المفاهيم التي ترتكز على الأنشطة التي تقوم بها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات دون الإشارة إلى الأجهزة التي تشملها

- يرى البعض بأن مفهوم تكنولوجيات المعلومات والاتصالات يتمثل في معالجة، تخزين، إرسال، عرض، إدارة، تنظيم واسترجاع المعلومات.

المجموعة 3:

المفاهيم التي ترتكز على الأنشطة والأجهزة في آن واحد

- تكنولوجيات المعلومات والاتصالات هي التكنولوجيا المبنية على الإلكترونيات، ويمكن أن تستخدم في جمع وتخزين ومعالجة المعلومات في حزم متكاملة ومن تم الوصول إلى المعرفة.

- وهناك من يرى بأن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات يقصد بها تطبيق النظم التكنولوجية الحديثة في معالجة المعلومات وإرسالها وتخزينها واسترجاعها بسرعة ودقة وكفاءة.

المجموعة 4:

المفاهيم التي ترتكز على الأنشطة والأجهزة والعنصر البشري في آن واحد

- تتضمن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات جميع أنظمة المعلومات بالمنظمة المبنية على تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وكذلك جميع المستفيدين منها.

المصدر: بلقيدوم صباح: أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة (NTIC) على التسيير الاستراتيجي للمؤسسات الاقتصادية، رسالة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة دكتوراه علوم في علوم التسيير، قسم علوم التسيير، جامعة قسنطينة 2، الجزائر، 2012/2013، ص ص 132، 133. (بتصرف من الباحث).

وبناءا على ما ورد في الجدول أعلاه، يمكن أن نستنتج بأن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لا ترتكز على استخدام الآلات التكنولوجية الحديثة فحسب، وإنما على الجوانب الفكرية والمعرفية والتقنيات الضرورية لتحويل المدخلات إلى مخرجات.

3.1. خصائص تكنولوجيات المعلومات والاتصال:

تتميز تكنولوجيات المعلومات والاتصال بمجموعة من الخصائص نلخصها فيما يلي:

  • التفاعلية: أي أن المشاركين في عملية الاتصال من خلال تكنولوجيات المعلومات والاتصال يستطيعون تبادل الأدوار بين مرسل ومستقبل؛[3]
  • اللاتزامنية: يقصد باللاتزامنية إمكانية استقبال الرسالة في أي وقت يناسب المستخدم، فالمشاركون في عملية الاتصال غير مطالبين باستخدام النظام في الوقت نفسه؛[4]
  • اللامركزية: تسمح هذه الخاصية بتحقيق الاستقلالية التامة لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات، إذ لا يمكن لأي جهة على المستوى العالمي أن تعطل عمل الإنترنت؛
  • قابلية التوصيل: يقصد بقابلية التوصيل إمكانية ربط أجهزة الإتصال فيما بينها، وذلك بغض النظر عن الجهة أو البلد المنتج لتلك الأجهزة؛
  • قابلية التحرك والحركية: تتيح هذه الخاصية للمستخدم إمكانية الإستفادة من خدماتها أثناء تنقلاته. ومن بين تلك الأجهزة: الحاسب الآلي المحمول، الهاتف النقال... إلخ؛
  • قابلية التحويل: يقصد بقابلية التحويل إمكانية نقل المعلومات من وسيط إلى آخر، كتحويل الرسالة المسموعة إلى رسالة مطبوعة أو مقروءة؛
  • الشيوع والانتشار: وهو قابلية توسع تكنولوجيات المعلومات والاتصال لتشمل أكثر فأكثر مساحات غير محددة من العالم.
  • تقليص الوقت: استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات يجعل كل الأماكن متجاورة إلكترونيا.[5]
  • العالمية: يقصد به المحيط الذي تعيش فيه هذه التكنولوجيات، حيث تنتشر المعلومات عبر محيط عملها وفق مسارات مختلفة ومعقدة، فتسمح مثلا لرأس المال أن يتدفق إلكترونيا نظرا لسهولة المعاملات التجارية التي يحركها رأس المال المعلوماتي ليسمح لها باختزال عائق المسافة والمكان على المستوى الدولي.[6]

4.1. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وظهور الإقتصاد الرقمي:

أدت الثورة التكنولوجية التي عرفها النشاط الاقتصادي إلى تغيير البنية الإقتصادية وتغيير استراتيجيات المؤسسات وسلوك المستهلكين، وقد ظهر مصطلح الإقتصاد الجديد (الرقمي) أو ما يعرف باقتصاد المعرفة في الولايات المتحدة الأمريكية كنتيجة للنمو المتواصل الذي عرفه الاقتصاد الأمريكي وما نتج عنه من ارتفاع في الإنتاجية وانخفاض التضخم والبطالة. حيث لم يقتصر أثر ظهور تكنولوجيات المعلومات والاتصالات على القطاع التكنولوجي فحسب،  بل أثر أيضا على التطبيقات في الصناعات القديمة والجديدة معا.[7]

ويمكن تلخيص أهم المحطات التاريخية التي أدت إلى بروز مصطلح الاقتصاد الرقمي في ما يلي:[8]

  1. الثورة الصناعية الأولى (بريطانيا من 1760 إلى 1850): أهم ما ميز هذه المرحلة هو الإنتقال إلى نظام الإنتاج الميكانيكي مما أدى إلى ظهور منتجات جديدة كغزل القطن، الآلات، السفن البخارية، والسكك الحديدية, حيث عرف الناتخ الداخلي الخام البريطاني توسعا مع زيادة محدودة في الإنتاجية، وتحقيق نمو قدر بحوالي %0,5.
  2. الثورة الصناعية الثانية (الولايات المتحدة الأمريكية من 1870 إلى 1970): ميز هذه المرحلة التحول نحو الإنتاج، حيث ظهر الكهرباء والهاتف وأجهزة الراديو والتلفاز. وقد حقق الإقتصاد الأمريكي نموا في إنتاجية العمل قدر ب 2,8 %.

ج. الثورة الصناعية الثالثة ( أوروبا وأمريكا منذ عام 1960): تميزت هذه المرحلة بتسجيل تطور كبير في مجال الإعلام الآلي، وانخفاض ملحوظ في أسعار معدات وبرامج تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وتحسن سريع في جودتها. إضافة إلى ظهور أجهزة الحاسوب الشخصية والرسائل الإلكترونية، الفاكس، الإنترنت، والموزعات الآلية.

2. من التنمية  إلى التنمية المستدامة:

1.2. مفهوم التنمية:

حاول العديد من الباحثين تقديم تعريف دقيق لمفهوم التنمية، من خلال التركيز على جانبين أساسيين هما: التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة. وترتكز التنمية الإقتصادية في معظم الأدبيات على ثلاثة أبعاد رئيسة هي: البعد الإقتصادي، البعد الإجتماعي والبعد الأخلاقي.

كما يمكن تعريف التنمية على أنها عملية طويلة الأجل تتميز بعدة مراحل غايتها تلبية رغبات الأفراد والوصول إلى مستوى معيشي مقبول. وتقوم التنمية على الإمكانيات والثروات المتاحة في منطقة جغرافية معينة (دولة)، بحيث تستغل هذه الثروات في إطار سياسة محددة من أجل تحقيق أهداف الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لجميع طبقات المجتمع.[9]

وقد عرفت التنمية أيضا كما يلي: "مجموعة من التغيرات الفكرية والاجتماعية التي قد تكسب الدول قدرتها على زيادة الناتج الحقيقي الإجمالي بشكل تراكمي ومستدام".[10]

إن مفهوم التنمية وبالإضافة إلى جوانبها الكمية، خاصة الإقتصادية منها، تركز بدرجة أكبر على الجوانب النوعية من خلال الأخذ بعين الاعتبار تطور رفاهية الأفراد في المجتمع، وقد تبين بأن معظم نماذج التنمية التي اعتمدتها بعض الدول خاصة المتقدمة منها، ارتكزت أساسا على استغلال الموارد الطبيعية المتاحة، فكلما توفرت الدول على كميات كبيرة من هذه الموارد كلما كانت لها الفرصة في تحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية.

2.2. مفهوم التنمية المستدامة:

اقترن ظهور مفهوم التنمية المستدامة بكثرة إشارات الإنذار التي أطلقها المختصون حول الإستنزاف الذي تعرضت له الموارد الطبيعية في أواسط القرن الماضي، حيث كان لزاما إيجاد اصطلاح جديد لمفهوم التنمية يساهم في الحد من استنزاف الموارد مع ضمان استغلال أمثل لهذه الأخيرة.

1.2.2. تعريف التنمية المستدامة:

تبلورت خطوط مفهوم التنمية المستدامة في مؤتمر ستوكهولم سنة 1972، ليتم تبنيه رسميا وبشكل دائم بمناسبة نشر تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التي يطلق عليها أيضا لجنة برونتلاند سنة 1987، وقد عرف هذا التقرير باسم "مستقبلنا المشترك".

ولا تزال محاولات تعريف التنمية المستدامة قائمة منذ 1987، إلا أن افتقاد التنمية المستدامة لأساس نظري جعل من التعاريف التي قدمت مجرد محاولات.

وقد عرفت لجنة برونتلاند التنمية المستدامة على أنها: التنمية التي تعمل على تلبية حاجيات الأجيال الحاضرة، مع المحافظة على قدرة الأجيال المستقبلية في تلبية حاجياتها. وبمناسبة انعقاد مؤتمر البيئة والتنمية في ريو دي جانيرو بالبرازيل عرفت التنمية المستدامة على أنها "ضرورة إنجاز الحق في التنمية بحيث تتحقق على نحو متساو الحاجات التنموية والبيئية لأجيال الحاضر والمستقبل".[11]

كما عرفت التنمية المستدامة "بأنها ذلك النشاط الاقتصادي الذي يؤدي إلى الارتفاع في الرفاهية الاجتماعية مع أكبر قدر من الحرص على الموارد الطبيعية المتاحة وبأقل قدر من الأضرار والإساءة للبيئة". وتعرف أيضا "بأنها الحفاظ على الفرص للأجيال القادمة مع وجود فكرة عامة بأن العدالة متداخلة بين الأجيال".[12]

وعرفت كذلك على أنها: " نتيجة تفاعل مجموعة من أعمال السلطات العمومية والخاصة بالمجتمع من أجل تلبية الحاجات الأساسية والصحية للإنسان. والسعي إلى تحقيق انسجام اجتماعي في المجتمع بغض النظر عن الإختلافات الثقافية، اللغوية، والدينية للأشخاص ودون رهن مستقبل الأجيال القادمة على تلبية حاجياتها."[13]

وعرفت أيضا على أنها " عملية مجتمعية واعية ودائمة موجهة وفق إرادة وطنية مستقلة من أجل إيجاد تحولات هيكلية وإحداث تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية تسمح بتحقيق نمو مطرد لقدرات المجتمع المعني وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه."[14]

2.2.2. أبعاد التنمية المستدامة:

يرتكز مفهوم التنمية المستدامة على ثلاثة أبعاد رئيسة هي: البعد البيئي، البعد الاقتصادي والبعد الإجتماعي. أما البعد البيئي فيتمثل في ضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية والإنتقال وفق استراتيجيات طويلة الأجل من التسيير العشوائي إلى التسيير المستدام لهذه الموارد، مع ضرورة تحقيق التوازن البيئي (حماية المناخ، المحافظة على التنوع البيولوجي، حماية المحيطات والغابات....)، إضافة إلى العمل على تقليل المخاطر والتنبؤ بالآثار البيئية المحتملة.

وأما البعد الاقتصادي فيتمثل في تحقيق الفعالية الاقتصادية من خلال الاعتماد على أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة، واستغلال الموارد استغلالا عقلانيا. بالإضافة إلى تحسين العلاقات الاقتصادية الدولية، وإدماج التكاليف البيئية والاجتماعية في أسعار السلع والخدمات.

وأما البعد الإجتماعي فيتمثل في ضرورة إشراك جميع الفئات في بناء نمط جديد للتنمية يرتكز أساسا على مسائل الصحة، التعليم، والسكن. وذلك من أجل تلبية الحاجيات الأساسية للمجتمعات ومحاربة الفقر والقضاء على اللامساواة في توزيع الموارد واحترام الثقافات.[15]

3.2.2. أهداف التنمية المستدامة:

تحاول التنمية المستدامة من خلال دورها الرئيس المتمثل بالدرجة الأولى في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتقليل المخاطر البيئية التي تسببها مختلف النشاطات فضلا عن التوفيق بين مجموعة من الجوانب الاجتماعية، تسطير مجموعة من الأهداف نلخص أهمها فيما يلي:

  • تحسيس الأفراد وزيادة وعيهم بالمشاكل البيئية المتفاقمة وحثهم على ضرورة المشاركة في إيجاد الحلول المناسبة، كما تعتبر التنمية المستدامة الموارد الطبيعية على أنها موارد محدودة وبالتالي تحث على استخدامها بطريقة عقلانية؛[16]
  • استخدام التطور التكنولوجي في تحقيق الأهداف المرجوة؛ وذلك من خلال توعية الشعوب بضرورة استخدام التقنيات الحديثة استخداما يضمن التوفيق بين تحقيق الأهداف وتقليل الآثار السلبية على البيئة؛
  • القضاء على الفقر بكل أشكاله وفي جميع أنحاء العالم، حيث عرف ظهور مصطلح التنمية المستدامة تحقيق نتائج إيجابية بانخفاض نسبة العمال (وعائلاتهم) الذين يعيشون بأقل من 1,90 دولار في اليوم من 28% سنة 2000، إلى 10% سنة 2015؛[17]
  • محاربة ظاهرة الإحتباس الحراري التي تعتبر الخطر الأساسي الذي يهدد التنمية، حيث تم اتخاذ الإجراءات الضرورية لمحاربة هذه الظاهرة وتبعاتها، إذ وقعت في شهر أفريل من سنة 2016 بباريس العاصمة الفرنسية 175 دولة اتفاقية تضمن عدم ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين؛[18]
  • القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي من خلال التركيز على ضرورة تحقيق إنتاج غذائي مستدام بحلول 2030. فقد تراجعت نسبة الأفراد الذين يعانون الجوع على المستوى العالمي من 15% ( الفترة 2000-2002) إلى 11% (الفترة 2014-2016)؛
  • التسيير المستدام للغابات ومحاربة التصحر، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن 7,3 مليون هكتار تتلف سنويا في الفترة (1990-2000). كما أن أكثر من 7000 نوع من النباتات كانت محل متاجرة غير شرعية في 120 دولة سنة 1999؛[19]
  • ضمان استغلال الطاقات بشكل مستدام وبأسعار معقولة، من خلال تطوير البنى والتكنولوجيا الطاقوية النظيفة، حيث أن 79% من سكان العالم تم توصيلهم بالكهرباء سنة 2000، لتبلغ هذه النسبة خلال سنة 2012 85%. كما أن التوجه نحو استعمال الطاقات النظيفة ( المتجددة) ساعد خلال الفترة 2010-2012 في اقتصاد الطاقة بنسبة 68%، وأن دول شرق آسيا هي أكبر مساهم في تحقيق هذه النسبة؛[20]
  • ضمان الإستفادة بشكل عادل وعلى أوسع نطاق من خدمات التعليم والتكوين التقني والمهني، ففي سنة 2013 لم يستفد 59 مليون طفل على المستوى العالمي من خدمات التعليم بالرغم من بلوغهم سن التمدرس. كما أشارت الدراسات إلى أن 757 مليون شخص بالغ (بلغوا 15 سنة فما فوق) في العالم لا يجيدون القراءة والكتابة، وأن حوالي 66% منهم من فئة النساء؛
  • ضمان الرعاية الصحية لكل الفئات العمرية، والقضاء على الأوبئة والأمراض المعدية. حيث أشارت الإحصائيات إلى أن عدد الوفيات في فئة الأطفال (أقل من 5 سنوات) سنة 2015 بلغت 5,9 مليون حالة، وأن معظمها كان من الممكن تجنبها. كما أن ما يقارب نصف سكان العالم كانوا معرضين للإصابة بداء الملاريا سنة 2015، وأن 89% من هذه الحالات كانت من صحراء إفريقيا؛[21]

3. علاقة تكنولوجيات المعلومات والاتصالات بـالتنمية المستدامة:

أدت تكنولوجيات المعلومات والاتصالات منذ ظهورها دورا هاما في تحسين ظروف المعيشة في عدة مجالات، إضافة إلى دورها في تحقيق عدة مكاسب للمجتمع والإقتصاد ككل. وقد اختلفت آراء الخبراء حول علاقة تكنولوجيات المعلومات والاتصالات بالتنمية المستدامة، ونتج عن الاختلاف اتجاهان: الإتجاه الأول يعتبر تكنولوجيات المعلومات والاتصال كحامل للمعلومة ووسيلة اتصال في خدمة التنمية المستدامة. أما الإتجاه الثاني فيعتبرها منتوجا يؤثر على التنمية المستدامة في جميع مراحل إنتاجه.

1.3. الآثار البيئية والاقتصادية لاستعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات:

أدى ظهور شبكات الاتصال بصفة عامة وشبكة الإنترنت بصفة خاصة إلى تغيير نمط الحياة في شتى المجالات، حيث أن المتصلين بهذه الشبكة أصبح بإمكانهم القيام بعدة مهام وقضاء العديد من الحاجيات من منازلهم ودون الحاجة للتنقل. وتعد تقنية العمل عن بعد وظهور التجارة الإلكترونية من بين نتائج التطور الذي عرفه قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.

1.1.3. العمل عن بعد (Le télé-travail):

العمل عن بعد هو حل من الحلول التي توفر على العامل مشقة التنقل من بيته إلى مقر العمل، وهذا ما يسمح بتوفير كميات كبيرة من الطاقة. حيث أن اجتماعات العمل التي تتم عن بعد تسمح بخفض كميات الغازات المسببة للإحتباس الحراري من خلال توفير كميات الوقود التي تستهلكها مختلف وسائل النقل.

ولكن السؤال الذي يطرح هنا هو: هل ستحل تكنولوجيات المعلومات والاتصال محل وسائل النقل؟ وهل أن استعمال هذه التكنولوجيات سيعمل حتما على تقليل الحاجة إلى التنقل؟

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن العمال (عن بعد) لا يمكنهم القيام بعملهم بصفة متواصلة من مكان تواجدهم دون تنقل، لأن بعض الدراسات أثبتت أن بعض الأعمال تتطلب أن يكون العامل حاضرا شخصيا في المؤسسة، كما أن تكنولوجيات المعلومات والاتصال لا يمكن أن تحل محل وسائل النقل وإنما تكملها.

وقد تبين بأن العمل عن بعد لا يساهم في تقليل التلوث الناجم عن استعمال وسائل النقل، وهذا لسببين: الأول مفاده أن التنقل للعمل لا يساهم إلا بنسبة قليلة في كمية الغازات المسسبة للإحتباس الحراري. والسبب الثاني هو أن العمل في البيت لا يعني عدم التنقل، بل إن العمل عبر شبكة الإنترنت تنتج عنه علاقات جديدة تستوجب في كثير من الأحيان التنقل الشخصي لقضاء المصلحة.[22]

2.1.3. التجارة الإلكترونية:

ساعد التعامل عبر شبكة الإنترنت العديد من المؤسسات، وخاصة الخدماتية منها، على تقليل تكاليف البيع، استهداف أكبر قدر من الزبائن، وتقديم خدمات شخصية مميزة. كما أن عمليات شراء المنتوجات غير المادية عبر الشبكة عرفت تطورا كبيرا نظرا لما توفره من خدمات، فهي تغني الزبون عن التنقل من أجل الحصول على السلعة المراد شراؤها. وقد ساهمت عملية رقمنة بعض المنتوجات (كالكتب الإلكترونية، المجلات، برامج الحاسوب...) في تخفيض تكاليف الإنتاج. فعلى سبيل المثال لا يتطلب بيع كتاب إلكتروني عبر الشبكة أية تكاليف للتوزيع، بينما يتطلب توزيع كتاب ورقي بالطريقة التقليدية كل المصاريف من طباعة، تخزين، ونقل.. إلخ.

وبالرغم من التكاليف التي يمكن تجنبها من خلال البيع عبر الإنترنت، إلا أن هذه العملية قد تخلق تكاليفا إضافية. فاقتناء الكتب والمجلات الإلكترونية لا يضمن في كل الأحوال عدم قيام المستهلك بطباعتها وتحويلها إلى شكلها التقليدي، كما أن رقمنة بعض المنتوجات لا يعني بالضرورة تقليل الإستهلاك بل زيادته في معظم الحالات، لأن التطور التكنولوجي يحفز المستهليكن ويدفعهم إلى زيادة الإستهلاك للإستفادة من أكبر قدر ممكن منها.[23]

2.3. استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة:

أدى التطور الكبير والمتسارع لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات إلى انتشار استخدامها في كل الميادين (الصناعة، الزراعة، الصحة، التعليم.... إلخ). وقد ساعد هذا الإنتشار الواسع على تحقيق مجموعة من النتائج الإيجابية التي انعكست على الجوانب البيئية والاجتماعية للتنمية، كما ساهم في تحقيق أهم الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة.

1.2.3. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وتحقيق الأمن الغذائي:

تشير الدراسات إلى أنه وبحلول سنة 2020 ستعرف منطقة وسط إفريقيا ندرة حادة في الموارد المائية، ينتج عنها انخفاض المحاصيل الزراعية إلى النصف، الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات وقائية لمعالجة الأمن الغذائي. وتتمثل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات التي يمكن استخدامها لهذا الغرض فيما يلي:

*أجهزة استشعار عن بعد مزودة بأجهزة راديو عالية الوضوح تساعد على رصد الموارد الغذائية والمائية.

*بنية تحتية للإتصالات تشمل شبكة الإنترنت تعمل على إيصال المعلومات للمزارعين والمستهلكين.

ويمكن استخدام صور الأقمار الصناعية والنظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) لمراقبة استعمال المياه والأسمدة. حيث أصبح من الممكن إجراء تحليل مكاني للمحاصيل، مما يساهم في زيادة كفاءة استعمال الأسمدة.

وتشمل أدوات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات المستعملة في مراقبة المحاصيل الزراعية والأتربة: وحدات الاستشعار والقياس عن بعد التي تقوم بقياس وتحويل – عبر شبكات متنقلة – بيانات متنعلقة بدرجة حرارة الهواء، معدل الرطوبة، ورطوبة أوراق الشجر والتربة.[24]

إن البيانات التي توفرها التكنولوجيات ستسمح للمزارعين بتحسين التنبؤ بغلات المحاصيل والإنتاج. كما يمكن تقاسم هذه البيانات مع مزارعين آخرين لتوسيع دائرة الاستفادة.

2.2.3. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والقضاء على ظاهرة إزالة الغابات:

تعد الغابات المدارية مستودعا كبيرا للكربون، حيث أن نقص هذه النباتات يؤدي إلى انبعاث غاز (CO2) المخزن فيها في الغلاف الجوي. وينتج عن إزالة الغابات المدارية سنويا 1,5 مليار طن من الكربون المنبعث في الغلاف الجوي، كما تشير التقديرات إلى أن تقليل إزالة الغابات المدارية بنسبة 50% خلال القرن المقبل سيساعد على منع انتشار 500 مليار طن من الكربون في الجو سنويا. 

ويمكن لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات أن تساهم في حماية الغابات المدارية فضلا عن توفير جميع البيانات المتعلقة بحالة الغابات. وتعد الأقمار الصناعية من خلال الصور التي تلتقطها، إضافة إلى تطبيقات الإستشعار عن بعد، من الوسائل الحديثة التي ترصد حالة أشجار الغابات المدارية على المستوى العالمي.[25]

3.2.3. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وتحقيق الفعالية الطاقوية:

تعد الطاقة من أهم المحاور التي ترتكز عليها استراتيجيات التنمية المستدامة نظرا لأهمية هذا المورد الطبيعي في مختلف القطاعات الاقتصادية. وقد ساهم التطور التكنولوجي في اكتشاف مصادر جديدة للطاقة تتميز بالتجدد وتحل محل الطاقات الناضبة.

وقد أشارت الدراسات إلى أن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات ستسمح بتوفير ما يقارب 15% من إجمالي انبعاث غازات الإحتباس الحراري، وتتمثل الوسائل التي ستسمح بتحقيق هذا المكسب فيما يلي:[26]

*توفير أجهزة اتصال عن بعد تسمح برصد كمية الطاقة التي تستهلكها الآلات الصناعية. فربط مجموعة من الآلات عبر الشبكة يسمح باقتصاد الطاقة المستغلة.

*تسيير الطاقة في مجال البناء (تدفئة، تهوئة، وإنارة)، من خلال أنظمة اتصال أوتوماتكية.

*العمل على تحسين النقل والمواصلات، من خلال تشجيع استعمالها بشكل عقلاني.

*تحسين فعالية مراكز الإنتاج الطاقوية.

*إحلال الحاملات الإفتراضية محل الحاملات الحقيقية، وذلك من خلال تشجيع العمل عن بعد، المحاضرات المرئية والتجارة الإلكترونية.

4.2.3. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وتحسين جودة التعليم:

تلعب تكنولوجيات المعلومات والاتصالات دورا هاما في تحسين جودة التعليم خاصة في الدول النامية التي تعاني من معدلات مرتفعة نسبيا في الأمية. حيث تسمح هذه التكنولوجيات بالاستفادة الشاملة والواسعة من خدمات التعليم، وتوفير تعليم نوعي وتحسين تسيير قطاع التعليم على المستوى العالمي، وهذا كله مشروط بتوفير التقنيات والكفاءات المؤهلة.

وقد أعدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة – اليونسكو- (UNESCO) مجموعة من البرامج تهدف إلى تشجيع الدول على استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وإدراجها ضمن السياسات والاستراتيجيات والنشاطات التعليمية.[27]

وتعد المحاضرات عن بعد (les téléconférences) من أحدث وسائل التعليم، كونها تسمح بالتبادل المباشر لكم معتبر من البيانات عبر شبكة الإنترنت (رسائل صوتية ومرئية، نصوص، وصور... إلخ). وقد ساهمت هذه التكنولوجيا في فك العزلة عن العديد من الطلبة في العالم، وفتحت لهم إمكانية الإستفادة من خبرات أجنبية دون الحاجة للتنقل.

5.2.3. تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والصحة:

من بين أهم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن، تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي، وما ينتج عنها من أثار سلبية على الأنشطة الاقتصادية والبنى التحتية وعلى الصحة البشرية. ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الوفيات بسبب الإرتفاع الفجائي في درجات الحرارة الموسمية، الأمر الذي يستدعي اتخاذ مجموعة من الإجراءات الإحترازية لتقليل الأضرار الصحية التي تسببها ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتسمح تكنولوجيات المعلومات والاتصالات – من خلال شبكة الإنترنت- بتوفير كم هائل من المعلومات والبيانات المتعلقة بالاحتياطات الواجب اتخاذها للحد من المخاطر الصحية. وقد اصطلح  على تسمية ممارسة الرعاية الصحية باستعمال تكنولوجيات المعلومات بالصحة الإلكترونية. كما أن مراقبة الصحة عن بعد تساعد الأشخاص على مواصلة العيش في منازلهم بكل استقلالية.

ويمكن للمرضى - من خلال تكنولوجيا الطب عن بعد (la télémédecine)- الاتصال بمختصين لا ينتمون إلى نفس المنطقة الجغرافية، الأمر الذي يوفر على المريض تكاليف التنقل بالإضافة إلى تقليل كمية غازات الاحتباس الحراري في الجو.

خاتمة:

توفر تكنولوجيات المعلومات والاتصالات معلومات دقيقة سريعة لأصحاب القرار، وتمكنهم من اتخاذ القرارات المناسبة وفي الوقت المناسب، الأمر الذي يزيد من أهمية دورها في حماية الموارد الطبيعية والبيئة. كما أن استعمال هذه التكنولوجيات ساعد على الوصول إلى تسيير مستدام للموارد الطبيعية، فبالرغم من أن عملية تصنيعها تخلف أضرارا بيئية وتستهلك كميات من الطاقة، وبالتالي تساهم في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إلا أن الآثار الإيجابية المترتبة عن استعمالها في مختلف القطاعات ساهم في اقتصاد كميات كبيرة من الطاقة، وساعد على التقليل من انبعاث الغازات في الجو. كما أن كمية غازات الاحتباس الحراري التي يمكن تجنبها من خلال استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تزيد بعشرة أضعاف عن كمية الغازات الناتجة عن عملية تصنيعها.

وقد ركزت العديد من الدول على استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في استراتيجياتها التنموية، وذلك من خلال ثلاثة جوانب اقتصادية، اجتماعية، وبيئية. ويرجع عزوف دول أخرى عن المضي قدما في مجال الإستثمار في التكنولوجيات الحديثة إلى التكاليف الباهضة التي يتطلبها هذا القطاع، إلا أن هذه النظرة تعد قاصرة، لأن تحمل بعض التكاليف في الفترة الحالية يجنبنا العديد من التكاليف في المستقبل.

نتائج:

 تم التوصل من خلال هذا البحث إلى النتائج التالية:

  • اكتسب قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات أهمية كبيرة جعلت منه حلقة ضرورية ضمن الحلقات الرئيسة المكونة لمختلف القطاعات، وذلك لما توفره هذه التكنولوجيات من سرعة في أداء المهام وسهولة في التنفيذ.
  • إن العلاقة التي تربط تكنولوجيات المعلومات والاتصالات بالتنمية المستدامة والموارد الطبيعية هي علاقة قوية جدا،وقد تجلى ذلك من خلال
  • استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في مختلف القطاعات يؤثر على الموارد الطبيعية سلبا وإيجابا، إلا أن الآثار السلبية تعد ضئيلة نسبيا مقارنة بالمكاسب التي يحققها استعمال هذه التكنولوجيات.
  • تنوع استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وبروز مصطلح التكنولوجيا الخضراء الصديقة للبيئة ساعد على تحقيق الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة، وساعد أيضا على تقليل التكاليف البيئية المترتبة عن استنزاف الموارد الطبيعية.

مقترحات:

  • تكثيف حملات التوعية والتحسيس تجاه الأضرار البيئية الناجمة عن استنزاف الموارد الطبيعية؛ وذلك من خلال زيادة عدد مواقع الإنترنت ذات الاختصاص، وحث مختلف الهيئات والإدارات على اتباع سياسات من شأنها النهوض بقطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتغطية مختلف الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية.
  • تشجيع الاستثمارات في مجال الطاقة البديلة -النظيفة-؛ وذلك بالاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر طبيعي من أجل توليد مختلف الطاقات المصنعة
  • اتباع سياسات تنموية مبنية على عناصر إنتاج غير تقليدية ترتكز على المعرفة والتطور التكنولوجي، مع ضرورة مواصلة الدراسات وتدعيم مراكز البحث المتخصصة في المجال التكنولوجي.
  • تطوير أساليب الإنتاج وإدماج البعد البيئي ضمن العملية الإنتاجية، للوصول إلى تكنولوجيات خضراء (صديقة للبيئة) تراعي الجوانب البيئية والاجتماعية في كل مراحل حياتها.
  • العمل على تطوير أساليب إعادة التدوير (الرسكلة) لتقليل الأثار البيئية الناتجة عن عمليات التخلص من مختلف تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.
  • إضفاء الطابع الالكتروني على مختلف العمليات في شتى المجالات، كعمليات البيع الالكترونية والتعليم عن بعد والتصويت الالكتروني، مع ضرورة تشجيع المؤسسات في مختلف المجالات على عرض جل خدماتها على الشبكة العنكبوتية والتحديث المستمر للمعلومات، قصد تمكين المشتركين من القيام بالعديد من العمليات دون الحاجة إلى التنقل، وبالتالي اقتصاد أكبر قدر من الطاقة.

هوامش البحث:

المراجع باللغة العربية:

- نور الدين زمام، صباح سليماني، "تطور مفهوم التكنولوجيا واستخداماته في العملية التعليمية"، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية ، العدد 11، جوان 2013، جامعة ورقلة، ص 165.

2- العياشي زرزار، "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأثرها في النشاط الاقتصادي وظهور الاقتصاد الرقمي"، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، العدد 06، نوفمبر 2010، جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة، ص 215.

- زلماط مريم: دور تكنولوجيا لإعلام والاتصال في إدارة المعرفة داخل المؤسسة الجزائرية – دراسة حال بسونطراك فرع STH، مذكرة تدخل ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير بمدرسة الدكتوراه تخصص تسيير الموارد البشرية، قسم علوم التسيير، جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان،  2009/2010، ص 23.

- ياسع ياسمينة: دراسة اقتصادية قياسية لأثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الأداء الإقتصادي للمنظمة – دراسة حالة شركة القطن الممتص (SOCOTHYD)، مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية، تخصص تسيير المنظمات، قسم العلوم الاقتصادية، جامعة أمحمد بوقرة بومرداس، ص 23.

- معطى الله سيد أحمد، واقع وتأثير التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال على أنشطة البنوك الجزائرية (دراسة تحليلية استبيانية، حالة بنوك سعيدة)، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير، تخصص حوكمة الشركات، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة ألو بكر بلقايد تلمسان، ص ص 9،11.

- العايب عبد الرحمن، التحكم في الأداء الشامل للمؤسسة الإقتصادية في الجزائر في ظل تحديات التنمية المستدامة، رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، جامعة فرحات عباس سطيف، ص ص 11،12.

7 الانسانية، جامعة ديالى، العراق، ص 341.

المراجع باللغة الأجنبية:

1- Chris D’Souza et David Williams, « l’économie numérique », revue de la banque du canada, printemps 2017, canada, p 7,8.

2- Boualem Chebira et autres, The information and communication technologies and sustainable development : what is the impact ?, la deuxième édition de la conférence internationale sur : la performance écologique dans une économie compétitive, Académie des etudes economique a Bucharest, Roumanie, 12 et 13 Novembre 2009.

3-  Nation Unies, Rapport sur les objectifs de développement durable, 2016, p 3,.

4 - Sanaa Ait Daoud et Amélie Bohas, «  Technologies de l’Information (TI) et Développement Durable (DD) : Revue de la littérature et pistes de réflexion », Hyper articles en ligne (HAL), France, 2013, p 4.

5- Union internationale des télécommunications « L’apport des TIC dans la lutte contre les changements climatiques », 2011, p 4.

- Sébastien Schinella, « télécommunications et économies d’énergie », Hyper articles en ligne (HAL), France, 2013, p 2.

مواقع الإنترنت:

1- http://fr.unesco.org, (consulté le : 24/09/2017).

http://webetab.ac-bordeaux.fr (consulté le : 20/09/2017.

3- http://conte.u-bordeaux4.fr, consulté le : 18/09/17.

4- https://hal.archives-ouvertes.fr (consulté le : 23/09/2017).


[1] - نور الدين زمام، صباح سليماني، "تطور مفهوم التكنولوجيا واستخداماته في العملية التعليمية"، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية ، العدد 11، جوان 2013، جامعة ورقلة، ص 165.

[2] العياشي زرزار، "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأثرها في النشاط الاقتصادي وظهور الاقتصاد الرقمي"، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، العدد 06، نوفمبر 2010، جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة، ص 215.

[3]- زلماط مريم: دور تكنولوجيا لإعلام والاتصال في إدارة المعرفة داخل المؤسسة الجزائرية – دراسة حال بسونطراك فرع STH، مذكرة تدخل ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير بمدرسة الدكتوراه تخصص تسيير الموارد البشرية، قسم علوم التسيير، جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان،  2009/2010، ص 23.

[4] - ياسع ياسمينة: دراسة اقتصادية قياسية لأثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الأداء الإقتصادي للمنظمة – دراسة حالة شركة القطن الممتص (SOCOTHYD)، مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية، تخصص تسيير المنظمات، قسم العلوم الاقتصادية، جامعة أمحمد بوقرة بومرداس، ص 23.

[5] - معطى الله سيد أحمد، واقع وتأثير التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال على أنشطة البنوك الجزائرية (دراسة تحليلية استبيانية، حالة بنوك سعيدة)، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير، تخصص حوكمة الشركات، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة ألو بكر بلقايد تلمسان، ص ص 9،11.

[6] - ياسع ياسمينة، مرجع سابق، ص 24.

[7] - العياشي زرزار، مرجع سابق، ص ص 221،222.

[8] Chris D’Souza et David Williams, « l’économie numérique », revue de la banque du canada, printemps 2017, canada, p 7,8.

[9] - Boualem Chebira et autres, The information and communication technologies and sustainable development : what is the impact ?, la deuxième édition de la conférence internationale sur : la performance écologique dans une économie compétitive, Académie des etudes economique a Bucharest, Roumanie, 12 et 13 Novembre 2009.

[10] - Bernard Conte, «Le concept de développement », disponible sur le site : http://conte.u-bordeaux4.fr, consulté le : 18/09/17.

[11] - العايب عبد الرحمن، التحكم في الأداء الشامل للمؤسسة الإقتصادية في الجزائر في ظل تحديات التنمية المستدامة، رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، جامعة فرحات عباس سطيف، ص ص 11،12.

[12] الانسانية، جامعة ديالى، العراق، ص 341.

[13] - العايب عبد الرحمن، مرجع سابق، ص 12.

[14] - المرجع نفسه، ص 12.

[15] -http://webetab.ac-bordeaux.fr (consulté le : 20/09/2017.

[16]1- عثمان محمد غنيم وماجدة أحمد أبو زنط، التنمية المستديمة فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، ط1، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2007، ص 29.

[17] - Nation Unies, Rapport sur les objectifs de développement durable, 2016, p 3, diponible sur les sit : https://unstats.un.org (consulté le : 21/09/2017) .

[18] IBID, p 9.

[19] IBID, p 10.

[20] IBID, p 6.

[21] IBID, p 4.

[22] - Sanaa Ait Daoud et Amélie Bohas, «  Technologies de l’Information (TI) et Développement Durable (DD) : Revue de la littérature et pistes de réflexion », Hyper articles en ligne (HAL), France, 2013, p 4. Disponible sur le site : https://hal.archives-ouvertes.fr (consulté le : 22/09/2017).

[23] - IBID, p 5,6.

[24]- « L’apport des TIC dans la lutte contre les changements climatiques », l’union internationale des télécommunications, 2011, p 4.

[25] 1- IBID, p 6.

[26]- Sébastien Schinella, « télécommunications et économies d’énergie », Hyper articles en ligne (HAL), France, 2013, p 2. Disponible sur le site : https://hal.archives-ouvertes.fr (consulté le : 23/09/2017).

[27]- Les TIC dans l'éducation, UNESCO, http://fr.unesco.org, (consulté le : 24/09/2017).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون